وَقَوْلُهُ: الَّذِينَ قالُوا لِإِخْوانِهِمْ بَدَلٌ مِنَ الَّذِينَ نافَقُوا، أَوْ صِفَةٌ لَهُ، إِذَا كَانَ مَضْمُونُ صِلَتِهِ أَشْهَرَ عِنْدَ السَّامِعِينَ، إِذْ لَعَلَّهُمْ عُرِفُوا مِنْ قَبْلُ بِقَوْلِهِمْ فِيمَا تَقَدَّمَ لَوْ كانُوا عِنْدَنا مَا ماتُوا وَما قُتِلُوا فَذَكَرَ هُنَا وَصْفًا لَهُمْ لِيَتَمَيَّزُوا كَمَالَ تَمْيِيزٍ. وَاللَّامُ فِي (لِإِخْوَانِهِمْ) لِلتَّعْلِيلِ وَلَيْسَتْ لِلتَّعْدِيَةِ، قَالُوا: كَمَا هِيَ فِي قَوْله: وَقالُوا لِإِخْوانِهِمْ إِذا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ [آل عمرَان: 156] .
وَالْمُرَادُ بِالْإِخْوَانِ هَنَا عَيْنُ الْمُرَادِ هُنَاكَ، وَهُمُ الْخَزْرَجُ الَّذِينَ قُتِلُوا يَوْمَ أُحُدٍ، وَهُمْ مِنْ جِلَّةِ الْمُؤْمِنِينَ.
وَجُمْلَةُ وَقَعَدُوا حَالٌ مُعْتَرِضَةٌ، وَمَعْنَى لَوْ أَطَاعُونَا أَيِ امْتَثَلُوا إِشَارَتَنَا فِي عَدَمِ الْخُرُوجِ إِلَى أُحُدٍ، وَفَعَلُوا كَمَا فَعَلْنَا، وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: مَا قُتِلُوا- بِتَخْفِيفِ التَّاءِ- من الْقَتْل.
وقرأه هِشَامٌ عَنِ ابْنِ عَامِرٍ- بِتَشْدِيدِ التَّاءِ- مِنَ التَّقْتِيلِ لِلْمُبَالَغَةِ فِي الْقَتْلِ، وَهُوَ يُفِيدُ مَعْنَى تَفْظِيعِهِمْ مَا أَصَابَ إِخْوَانَهُمْ مِنَ الْقَتْلِ طَعْنًا فِي طَاعَتِهِمُ النَّبِيءَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَقَوله: قُلْ فَادْرَؤُا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ أَي ادرأوه عِنْدَ حُلُولِهِ، فَإِنَّ مَنْ لَمْ يَمُتْ بِالسَّيْفِ مَاتَ بِغَيْرِهِ أَيْ: إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ فِي أَنَّ سَبَبَ مَوْتِ إخْوَانكُمْ هُوَ
عصين أَمركُم.
[169- 172]
وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (170) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171) الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ