وَالْقِرَاءَةُ الْمَعْرُوفَةُ يَلْوُونَ: بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَتَخْفِيفِ الْوَاوِ مُضَارِعُ لَوَى، وَذَكَرَ ابْنُ عَطِيَّةَ أَنَّ أَبَا جَعْفَرٍ قَرَأَهُ: يُلَوُّونَ بِضَمٍّ فَفَتْحٍ فَوَاوٍ مُشَدَّدَةٍ مُضَارِعُ لَوَّى بِوَزْنِ فَعَّلَ لِلْمُبَالِغَةِ وَلَمْ أَرَ نِسْبَةَ هَذِهِ الْقِرَاءَةِ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ فِي كتب الْقرَاءَات.

[79، 80]

[سُورَة آل عمرَان (3) : الْآيَات 79 إِلَى 80]

مَا كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِباداً لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِما كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتابَ وَبِما كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ (79) وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْباباً أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (80)

اعْتِرَاضٌ وَاسْتِطْرَادٌ: فَإِنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ لَيَّ الْيَهُودِ أَلْسِنَتَهُمْ بِالتَّوْرَاةِ، وَهُوَ ضَرْبٌ مِنَ التَّحْرِيفِ، اسْتَطْرَدَ بِذِكْرِ التَّحْرِيفِ الَّذِي عِنْدَ النَّصَارَى لِمُنَاسَبَةِ التَّشَابُهِ فِي التَّحْرِيفِ إِذْ تَقُولُ النَّصَارَى عَلَى الْمَسِيحِ أَنَّهُ أَمَرَهُمْ بِعِبَادَتِهِ فَالْمُرَادُ بِالْبَشَرِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَالْمَقْصُودُ تَنْزِيهُ عِيسَى عَنْ أَنْ يَكُونَ قَالَ ذَلِكَ، رَدًّا عَلَى النَّصَارَى، فَيَكُونُ رُجُوعًا إِلَى الْغَرَضِ الَّذِي فِي قَوْلِهِ: قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ- إِلَى قَوْلِهِ- بِأَنَّا مُسْلِمُونَ [آل عمرَان:

64] .

وَفِي «الْكَشَّافِ» قِيلَ نَزَلَتْ لِأَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ نُسَلِّمُ عَلَيْكَ كَمَا يُسَلِّمُ بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ أَفَلَا نَسْجُدُ لَكَ. قَالَ: «لَا يَنْبَغِي أَنْ يُسْجَدَ لِأَحَدٍ مِنْ دُونِ اللَّهِ، وَلَكِنْ أَكْرِمُوا نَبِيئَكُمْ وَاعْرِفُوا الْحَقَّ لِأَهْلِهِ»

. قُلْتُ: أَخْرَجَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ الْحَسَنِ، فَعَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِهِ حَدِيثًا مَقْبُولًا فَمُنَاسَبَةُ ذِكْرِ هَذِهِ الْآيَة أَنَّهَا قصّ مِنْهَا الرَّدُّ عَلَى جَمِيعِ هَذِهِ الْمُعْتَقَدَاتِ.

وَوَقَعَ فِي أَسْبَابِ النُّزُولِ لِلْوَاحِدِيِّ مِنْ رِوَايَةِ الْكَلْبِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ أَبَا رَافِعٍ الْيَهُودِيَّ وَالسَّيِّدَ مِنْ نَصَارَى نَجْرَانَ قَالَا يَا مُحَمَّدُ: «أَتُرِيدُ أَنْ نَعْبُدَكَ» فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ يُعْبَدَ غَيْرُ اللَّهِ» وَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ

. وَقَوْلُهُ: مَا كانَ لِبَشَرٍ نَفْيٌ لِاسْتِحْقَاقِ أَحَدٍ لِذَلِكَ الْقَوْلِ وَاللَّامُ فِيهِ لِلِاسْتِحْقَاقِ.

وَأَصْلُ هَذَا التَّرْكِيبِ فِي الْكَلَامِ مَا كَانَ فُلَانٌ فَاعِلًا كَذَا، فَلَمَّا أُرِيدَتِ الْمُبَالَغَةُ فِي النَّفْيِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015