رَابِعَتُهَا: مَعَانٍ قَصُرَتْ عَنْهَا الْأَفْهَامُ فِي بَعْضِ أَحْوَالِ الْعُصُورِ، وَأُودِعَتْ فِي الْقُرْآنِ لِيَكُونَ وُجُودُهَا مُعْجِزَةً قُرْآنِيَّةً عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي عُصُورٍ قَدْ يَضْعُفُ فِيهَا إِدْرَاكُ الْإِعْجَازِ النَّظْمِيِّ، نَحْوَ قَوْلِهِ: وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها [يس: 38] وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ [الْحجر: 22] يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهارِ [الزمر: 5] وَتَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ [النَّمْل: 88] تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ [الْمُؤْمِنُونَ: 20] زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ [النُّور: 35] وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ [هود: 7] ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ [فصلت:

11] وَذِكْرُ سَدِّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ (?) .

خَامِسَتُهَا: مَجَازَاتٌ وَكِنَايَاتٌ مُسْتَعْمَلَةٌ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ، إِلَّا أَنَّ ظَاهِرَهَا أَوْهَمَ مَعَانِيَ لَا يَلِيقُ الْحَمْلُ عَلَيْهَا فِي جَانِبِ اللَّهِ تَعَالَى: لِإِشْعَارِهَا بِصِفَاتٍ تُخَالِفُ كَمَالَ الْإِلَهِيَّةِ، وَتَوَقَّفَ فَرِيقٌ فِي مَحْمَلِهَا تَنْزِيهًا، نَحْوَ: فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا [الطّور: 48] وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ [الذاريات: 47] وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ [الرَّحْمَن: 27] (?) .

وَسَادِسَتُهَا: أَلْفَاظٌ مِنْ لُغَاتِ الْعَرَبِ لَمْ تُعْرَفْ لَدَى الَّذِينَ نَزَلَ الْقُرْآنُ بَيْنَهُمْ: قُرَيْشٍ

وَالْأَنْصَارِ مِثْلَ: وَفاكِهَةً وَأَبًّا [عبس: 31] وَمِثْلَ أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ [النَّحْل: 47] (?) إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ [التَّوْبَة: 114] وَلا طَعامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ [الحاقة: 36] (?) .

سَابِعَتُهَا: مُصْطَلَحَاتٌ شَرْعِيَّةٌ لَمْ يَكُنْ لِلْعَرَبِ عِلْمٌ بِخُصُوصِهَا، فَمَا اشْتَهَرَ مِنْهَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ مَعْنَاهُ، صَارَ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً: كَالتَّيَمُّمِ، وَالزَّكَاةِ، وَمَا لَمْ يَشْتَهِرْ بَقِيَ فِيهِ إِجْمَالٌ:

كَالرِّبَا قَالَ عُمَرُ: «نَزَلَتْ آيَاتُ الرِّبَا فِي آخِرِ مَا أُنْزِلَ فَتُوُفِّيَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يُبَيِّنْهَا» وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ.

ثَامِنَتُهَا: أَسَالِيبُ عَرَبِيَّةٌ خَفِيَتْ عَلَى أَقْوَامٍ فَظَنُّوا الْكَلَامَ بِهَا مُتَشَابِهًا، وَهَذَا مِثْلَ زِيَادَةِ الْكَافِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ [الشورى: 11] وَمِثْلَ الْمُشَاكَلَةِ فِي قَوْلِهِ:

يُخادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ

[النِّسَاء: 142]

طور بواسطة نورين ميديا © 2015