بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
سُمِّيَتْ هَذِهِ السُّورَةُ فِي كَلَام النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَلَام الصَّحَابَةِ: سُورَةَ آلِ عِمْرَانَ،
فَفِي «صَحِيحِ مُسْلِمٍ» ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ: قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ الله يَقُول: «اقرأوا الزَّهْرَاوَيْنِ: الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ»
وَفِيهِ عَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ: قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيءَ يَقُولُ: «يُؤْتَى بِالْقُرْآنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَقْدُمُهُ سُورَةُ الْبَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ»
وَرَوَى الدَّارِمِيُّ فِي «مُسْنَدِهِ» : أَنْ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ سُورَةَ آلِ عِمْرَانَ فِي لَيْلَةٍ كُتِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ» وَسَمَّاهَا ابْنُ عَبَّاسٍ.
فِي حَدِيثِهِ فِي «الصَّحِيحِ» . قَالَ: «بِتُّ فِي بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ حَتَّى إِذَا كَانَ نِصْفُ اللَّيْلِ أَوْ قَبْلَهُ بِقَلِيلٍ أَوْ بَعْدَهُ بِقَلِيلٍ اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ فَقَرَأَ الْآيَاتِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ»
. وَوَجْهُ تَسْمِيَتِهَا بِسُورَةِ آلِ عِمْرَانَ أَنَّهَا ذُكِرَتْ فِيهَا فَضَائِلُ آلِ عِمْرَانَ وَهُوَ عِمْرَانُ بْنُ مَاتَانَ أَبُو مَرْيَم وءاله هُمْ زَوْجُهُ حَنَّةُ وَأُخْتُهَا زَوْجَةُ زَكَرِيَّاءَ النَّبِيءِ. وَزَكَرِيَّاءُ كَافِلُ مَرْيَمَ إِذْ كَانَ أَبُوهَا عِمْرَانُ تُوُفِّيَ وَتَرَكَهَا حَمْلًا فَكَفَلَهَا زَوْجُ خَالَتِهَا.
وَوَصَفَهَا رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالزَّهْرَاءِ فِي حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ الْمُتَقَدِّمِ.
وَذَكَرَ الْأَلُوسِيُّ أَنَّهَا تُسَمَّى: الْأَمَانَ، وَالْكَنْزَ، وَالْمُجَادِلَةَ، وَسُورَةَ الِاسْتِغْفَارِ. وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ، وَلَعَلَّهُ اقْتَبَسَ ذَلِكَ مِنْ أَوْصَافٍ وُصِفَتْ بِهَا هَذِهِ السُّورَةُ مِمَّا سَاقَهُ الْقُرْطُبِيُّ، فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ، مِنْ تَفْسِيرِ أَوَّلِ السُّورَةِ.
وَهَذِهِ السُّورَةُ نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ بِالِاتِّفَاقِ، بَعْدَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، فَقِيلَ: أَنَّهَا ثَانِيَةٌ لِسُورَةِ الْبَقَرَةِ عَلَى أَنَّ الْبَقَرَةَ أَوَّلُ سُورَةٍ نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ، وَقِيلَ: نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ سُورَةُ الْمُطَفِّفِينَ أَوَّلًا، ثُمَّ الْبَقَرَةُ، ثُمَّ نَزَلَتْ سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ، ثُمَّ نَزَلَتِ الْأَنْفَالُ فِي وَقْعَةِ بَدْرٍ، وَهَذَا يَقْتَضِي: أَنَّ سُورَةَ آلِ عِمْرَانَ نَزَلَتْ قَبْلَ وَقْعَةِ بَدْرٍ، لِلِاتِّفَاقِ عَلَى أَنَّ الْأَنْفَالَ نَزَلَتْ فِي