بِأَنَّهُمَا مِنْ الْقُرْآن. وَقد جمع أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْقِرَاءَةِ بِهِمَا فِي الصَّلَاةِ وَكُتِبَتَا فِي مَصَاحِفِهِمْ، وَصَحَّ أَنَّ النَّبِيءَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ بِهِمَا فِي صلَاته.

أغراضها

وَالْغَرَضُ مِنْهَا تَعْلِيمُ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَلِمَاتٍ لِلتَّعَوُّذِ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ مَا يُتَّقَى شَرُّهُ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ الشِّرِّيرَةِ، وَالْأَوْقَاتِ الَّتِي يَكْثُرُ فِيهَا حُدُوثُ الشَّرِّ، وَالْأَحْوَالِ الَّتِي يستر أَفعَال الشَّرِّ مِنْ وَرَائِهَا لِئَلَّا يُرْمَى فَاعِلُوهَا بِتَبِعَاتِهَا، فَعَلَّمَ اللَّهُ نَبِيئَهُ هَذِهِ الْمُعَوِّذَةَ لِيَتَعَوَّذَ بِهَا، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيءَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَعَوَّذُ بِهَذِهِ السُّورَةِ وَأُخْتِهَا وَيَأْمُرُ أَصْحَابَهُ بِالتَّعَوُّذِ بِهِمَا، فَكَانَ التَّعَوُّذُ بِهِمَا مِنْ سنة الْمُسلمين.

[1، 2]

[سُورَة الفلق (113) : الْآيَات 1 إِلَى 2]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (2)

الْأَمْرُ بِالْقَوْلِ يَقْتَضِي الْمُحَافَظَةَ عَلَى هَذِهِ الْأَلْفَاظِ لِأَنَّهَا الَّتِي عَيَّنَهَا اللَّهُ لِلنَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليَتَعَوَّذ بهَا فإجابتها مَرْجُوَّةٌ، إِذْ لَيْسَ هَذَا الْمَقُولُ مُشْتَمِلًا عَلَى شَيْءٍ يُكَلَّفُ بِهِ أَوْ يُعْمَلُ حَتَّى يَكُونَ الْمُرَادُ: قُلْ لَهُمْ كَذَا كَمَا فِي قَوْلِهِ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الْإِخْلَاص: 1] ، وَإِنَّمَا هُوَ إِنْشَاءُ مَعْنًى فِي النَّفْسِ تَدُلُّ عَلَيْهِ هَذِهِ الْأَقْوَالُ الْخَاصَّةُ.

وَقَدْ

رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيءَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْمُعَوِّذَتَيْنِ فَقَالَ: «قِيلَ لِي قُلْ فَقُلْتُ لَكُمْ فَقُولُوا»

. يُرِيدُ بِذَلِكَ الْمُحَافَظَةَ عَلَى هَذِهِ الْأَلْفَاظِ لِلتَّعَوُّذِ وَإِذْ قَدْ كَانَتْ مِنَ الْقُرْآنِ فَالْمُحَافَظَةُ عَلَى أَلْفَاظِهَا مُتَعَيِّنَةٌ وَالتَّعَوُّذُ يَحْصُلُ بِمَعْنَاهَا وَبِأَلْفَاظِهَا حَتَّى كَلِمَةِ قُلْ وَالْخطاب ب قُلْ لِلنَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِذَ قَدْ كَانَ قُرْآنًا كَانَ خِطَابُ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِ يَشْمَلُ الْأُمَّةَ حَيْثُ لَا دَلِيلَ عَلَى تَخْصِيصِهِ بِهِ، فَلِذَلِكَ أَمَرَ النَّبِيءُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْضَ أَصْحَابِهِ بِالتَّعَوُّذِ بِهَذِهِ السُّورَةِ وَلِذَلِكَ أَيْضًا كَانَ يُعَوِّذُ بِهِمَا الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ كَمَا ثَبَتَ فِي «الصَّحِيحِ» ، فَتَكُونُ صِيغَةُ الْأَمْرِ الْمُوَجَّهَةُ إِلَى الْمُخَاطَبِ مُسْتَعْمَلَةً فِي مَعْنَيَيِ الْخِطَابِ مِنْ تَوَجُّهِهِ إِلَى مُعَيَّنٍ وَهُوَ الْأَصْلُ، وَمِنْ إِرَادَةِ كُلِّ مَنْ يَصِحُّ خِطَابُهُ وَهُوَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015