شَوَاهُ، ثُمَّ جَاءَ مِنْهُ صَلِيَ كَأَفْعَالِ الْإِحْسَاسِ مِثْلَ فَرِحَ وَمَرِضَ. وَنُصِبَ نَارًا عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ.

وَوَصْفُ النَّارِ بِ ذاتَ لَهَبٍ لِزِيَادَةِ تَقْرِيرِ الْمُنَاسَبَةِ بَيْنَ اسْمِهِ وَبَيْنَ كُفْرِهِ إِذْ هُوَ أَبُو لَهَبٍ وَالنَّارُ ذَاتُ لَهَبٍ.

وَهُوَ مَا تَقَدَّمَ الْإِيمَاءُ إِلَيْهِ بِذِكْرِ كُنْيَتِهِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ آنِفًا، وَفِي وَصْفِ النَّارِ بِذَلِكَ زِيَادَة كشف لحقيقة النَّارِ وَهُوَ مِثْلَ التَّأْكِيد.

وَبَين لفضي لَهَبٍ الْأَوَّلِ ولَهَبٍ الثَّانِي الجناس التَّام.

[4، 5]

[سُورَة المسد (111) : الْآيَات 4 إِلَى 5]

وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4) فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (5)

أَعْقَبَ ذَمَّ أَبِي لَهَبٍ وَوَعِيدَهُ بِمِثْلِ ذَلِكَ لِامْرَأَتِهِ لِأَنَّهَا كَانَتْ تُشَارِكُهُ فِي أَذَى النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتُعِينُهُ عَلَيْهِ.

وَامْرَأَتُهُ: أَيْ زَوْجُهُ، قَالَ تَعَالَى فِي قِصَّةِ إِبْرَاهِيمَ: وَامْرَأَتُهُ قائِمَةٌ [هود: 71] وَفِي قِصَّةِ لُوطٍ: إِلَّا امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ [الْأَعْرَاف: 83] وَفِي قصَّة نسْوَة يُوسُف: امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُراوِدُ فَتاها عَنْ نَفْسِهِ [يُوسُف: 30] .

وَامْرَأَةُ أَبِي لَهَبٍ هِيَ أُمُّ جَمِيلٍ، وَاسْمُهَا أَرْوَى بِنْتُ حَرْبِ بْنِ أُمَيَّةَ وَهِيَ أُخْتُ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ، وَقِيلَ: اسْمُهَا الْعَوْرَاءُ، فَقِيلَ هُوَ وَصْفٌ وَأَنَّهَا كَانَتْ عَوْرَاءَ، وَقِيلَ:

اسْمُهَا، وَذَكَرَ بَعْضُهِمْ: أَنَّ اسْمَهَا الْعَوَّاءُ بِهَمْزَةٍ بَعْدَ الْوَاوِ.

وَكَانَتْ أُمُّ جَمِيلٍ هَذِهِ تَحْمِلُ حَطَبَ الْعِضَاهِ وَالشَّوْكَ فَتَضَعُهُ فِي اللَّيْلِ فِي طَرِيقِ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي يَسْلُكُ مِنْهُ إِلَى بَيْتِهِ لِيَعْقِرَ قَدَمَيْهِ.

فَلَمَّا حَصَلَ لِأَبِي لَهَبٍ وَعِيدٌ مُقْتَبَسٌ مِنْ كُنْيَتِهِ جُعِلَ لِامْرَأَتِهِ وَعِيدٌ مُقْتَبَسٌ لَفْظُهُ مِنْ فِعْلِهَا وَهُوَ حَمْلُ الْحَطَبِ فِي الدُّنْيَا، فَأُنْذِرَتْ بِأَنَّهَا تَحْمِلُ الْحَطَبَ فِي جَهَنَّمَ لِيُوقَدَ بِهِ عَلَى زَوْجِهَا، وَذَلِكَ خِزْيٌ لَهَا وَلِزَوْجِهَا إِذْ جَعَلَ شِدَّةَ عَذَابِهِ عَلَى يَدِ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيْهِ، وَجَعَلَهَا سَبَبًا لِعَذَابِ أَعَزِّ النَّاسِ عَلَيْهَا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015