لِلتَّوْبَةِ إِيمَاءً إِلَى أَنَّ أَمْرَهُ بِالِاسْتِغْفَارِ إِرْشَادٌ إِلَى مَقَامِ التَّأَدُّبِ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِنَّهُ لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ بِعِبَادِهِ، لَوْلَا تَفَضُّلُهُ بِمَا بَيَّنَ لَهُمْ مِنْ مُرَادِهِ، وَلِأَن وصف (توّاب) أَشد ملاءمة لِإِقَامَةِ الْفَاصِلَةِ مَعَ فَاصِلَةِ أَفْواجاً لِأَنَّ حَرْفَ الْجِيمِ وَحَرْفَ الْبَاءِ كِلَيْهِمَا حَرْفٌ مِنَ الْحُرُوفِ الْمَوْصُوفَةِ بِالشِّدَّةِ، بِخِلَافِ حَرْفِ الرَّاءِ فَهُوَ مِنَ الْحُرُوفِ الَّتِي صِفَتُهَا بَيْنَ الشِّدَّةِ وَالرَّخْوَةِ.

وَرُوِيَ فِي «الصَّحِيحِ» عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «مَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةً بَعْدَ أَنْ نَزَلَتْ

عَلَيْهِ سُورَةُ: إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ إِلَّا يَقُولُ: سُبْحَانَكَ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي يَتَأَوَّلُ الْقُرْآنَ»

أَيْ يَتَأَوَّلُ الْأَمْرُ فِي قَوْلِهِ: فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ عَلَى ظَاهِرِهِ كَمَا تَأَوَّلَهُ فِي مَقَامٍ آخَرَ عَلَى مَعْنَى اقْتِرَابِ أَجَلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015