بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
سُمِّيَتْ هَذِهِ السُّورَةُ فِي كَلَامِ السَّلَفِ «سُورَةَ إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ رَوَى الْبُخَارِيُّ: «أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا نَزَلَتْ سُورَةُ إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ الْحَدِيثَ.
وَسُمِّيَتْ فِي الْمَصَاحِفِ وَفِي مُعْظَمِ التَّفَاسِيرِ «سُورَةَ النَّصْرِ» لِذِكْرِ نَصْرِ اللَّهِ فِيهَا، فَسُمِّيَتْ بِالنَّصْرِ الْمَعْهُودِ عَهْدًا ذِكْرِيًّا.
وَهِيَ مُعَنْوَنَةٌ فِي «جَامِعِ التِّرْمِذِيِّ» «سُورَةَ الْفَتْحِ» لِوُقُوعِ هَذَا اللَّفْظِ فِيهَا فَيَكُونُ هَذَا الِاسْمُ مُشْتَرَكًا بَينهَا وَبَين سُورَة: إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهَا تُسَمَّى «سُورَةَ التَّوْدِيعِ» فِي «الْإِتْقَانِ» لِمَا فِيهَا مِنَ الْإِيمَاءِ إِلَى وَدَاعِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اهـ. يَعْنِي مِنَ الْإِشَارَةِ إِلَى اقْتِرَابِ لِحَاقِهِ بِالرَّفِيقِ الْأَعْلَى كَمَا سَيَأْتِي عَنْ عَائِشَةَ.
وَهِيَ مَدَنِيَّةٌ بِالِاتِّفَاقِ. وَاخْتُلِفَ فِي وَقْتِ نُزُولِهَا فَقِيلَ: نَزَلَتْ مُنْصَرَفَ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ خَيْبَرَ (أَيْ فِي سَنَةِ سَبْعٍ) ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا
رَوَاهُ الطَّبَرِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ نَزَلَتْ إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُ أَكْبَرُ جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَجَاءَ نَصْرُ أَهْلِ الْيَمَنِ» فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا أَهْلُ الْيَمَنِ؟ قَالَ: قَوْمٌ رَقِيقَةٌ قُلُوبُهُمْ، لَيِّنَةٌ طِبَاعُهُمْ، الْإِيمَانُ يَمَانٍ وَالْفِقْهُ يَمَانٍ وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَّةٌ»
اهـ، وَمَجِيءُ أَهْلِ الْيَمَنِ أَوَّلَ مَرَّةٍ هُوَ مَجِيء وَقد الْأَشْعَرِيِّينَ عَامَ غَزْوَةِ خَيْبَرَ.
وَلَمْ يَخْتَلِفْ أَهْلُ التَّأْوِيلِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفَتْحِ فِي الْآيَةِ هُوَ فَتْحُ مَكَّةَ، وَعَلَيْهِ فَالْفَتْحُ