لِلَّهِ مَا أَحَدٌ الْيَوْمَ أَكْرَمَ أَضْيَافًا مِنِّي فَانْطَلَقَ فَجَاءَهُمْ بِعِذْقٍ فِيهِ بُسْرٌ وَتَمْرٌ وَرُطَبٌ وَأَخَذَ الْمُدْيَةَ فَذَبَحَ لَهُمْ فَأَكَلُوا مِنَ الشَّاةِ وَمِنْ ذَلِكَ الْعِذْقِ وَشَرِبُوا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتُسْأَلُنَّ عَنْ نَعِيمِ هَذَا الْيَوْمِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»
الْحَدِيثَ. فَهَذَا سُؤَالٌ عَنِ النَّعِيمِ ثَبَتَ بِالسُّنَّةِ وَهُوَ غَيْرُ الَّذِي جَاءَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ.
وَالْأَنْصَارِيُّ هُوَ أَبُو الْهَيْثَمِ بْنُ التَّيِّهَانِ وَاسْمُهُ مَالِكٌ.
وَمَعْنَى الْحَدِيثِ: لَتُسْأَلُنَّ عَنْ شُكْرِ تِلْكَ النِّعْمَةِ، أَرَادَ تَذْكِيرَهُمْ بِالشُّكْرِ فِي كُلِّ نِعْمَةٍ.
وَسُؤَالُ الْمُؤْمِنِينَ سُؤَالٌ لِتَرْتِيبِ الثَّوَابِ عَلَى الشُّكْرِ أَوْ لِأَجْلِ الْمُؤَاخَذَةِ بِالنَّعِيمِ الْحَرَامِ.
وَذَكَرَ الْقُرْطُبِيُّ عَنِ الْحَسَنِ: لَا يُسْأَلُ عَنِ النَّعِيمِ إِلَّا أَهْلُ النَّارِ،
وَرُوِيَ (?) «أَنَّ أَبَا بَكْرٍ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ أَكْلَةً أَكَلْتُهَا مَعَكَ فِي بَيْتِ أَبِي الْهَيْثَمِ بْنِ التَّيِّهَانِ مِنْ خُبْزِ شَعِيرٍ وَلَحْمٍ وَبُسْرٍ قد ذنّب (?) وَمَاء عَذُبَ، أَنَخَافُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنَ النَّعِيمِ الَّذِي نُسْأَلُ عَنْهُ؟ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: ذَلِكَ لِلْكُفَّارِ ثُمَّ قَرَأَ: وَهَلْ نُجازِي إِلَّا الْكَفُورَ
[سبأ:
17] .
قَالَ الْقُشَيْرِيُّ: وَالْجَمْعُ بَيْنَ الْأَخْبَارِ أَنَّ الْكُلَّ يُسْأَلُونَ، وَلَكِنَّ سُؤَالَ الْكَافِرِ سُؤَالُ تَوْبِيخٍ لِأَنَّهُ قَدْ تَرَكَ الشُّكْرَ، وَسُؤَالَ الْمُؤْمِنِ سُؤَالُ تَشْرِيفٍ لِأَنَّهُ شَكَرَ.
وَالْجُمْلَةُ الْمُضَافُ إِلَيْهَا (إِذْ) مِنْ قَوْلِهِ: يَوْمَئِذٍ مَحْذُوفَةٌ دَلَّ عَلَيْهَا قَوْلُهُ: لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ [التكاثر: 6] أَيْ يَوْمَ إِذْ تَرَوْنَ الْجَحِيمَ فَيَغْلُظُ عَلَيْكُمُ الْعَذَابُ.