بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
سُمِّيَتْ فِي الْمَصَاحِفِ الْقَيْرَوَانِيَّةِ الْعَتِيقَةِ وَالتُّونِسِيَّةِ وَالْمَشْرِقِيَّةِ «سُورَةَ الْعَادِيَاتِ» بِدُونِ وَاوٍ، وَكَذَلِكَ فِي بَعْضِ التَّفَاسِيرِ فَهِيَ تَسْمِيَةٌ لِمَا ذُكِرَ فِيهَا دُونَ حِكَايَةِ لَفْظِهِ. وَسَمِّيَتْ فِي بَعْضِ كُتُبِ التَّفْسِيرِ «سُورَةَ وَالْعَادِيَاتِ» بِإِثْبَاتِ الْوَاوِ.
وَاخْتُلِفَ فِيهَا فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ وَعَطَاءٌ وَالْحَسَنُ وَعِكْرِمَةُ: هِيَ مَكِّيَّةٌ.
وَقَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةُ: هِيَ مَدَنِيَّةٌ.
وَعُدَّتِ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ فِي تَرْتِيبِ نُزُولِ السُّوَرِ عِنْدَ جَابِرِ بن زيد بِنَاء عَلَى أَنَّهَا مَكِّيَّةٌ نَزَلَتْ بَعْدَ سُورَةِ الْعَصْرِ وَقَبْلَ سُورَةِ الْكَوْثَرِ.
وَآيُهَا إِحْدَى عَشْرَةَ.
ذَكَرَ الْوَاحِدِيُّ فِي «أَسْبَابِ النُّزُولِ» عَنْ مُقَاتِلٍ وَعَنْ غَيْرِهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ خَيْلًا سَرِيَّةً إِلَى بَنِي كِنَانَةَ وَأَمَّرَ عَلَيْهَا الْمُنْذِرَ بْنَ عَمْرٍو الْأَنْصَارِيَّ فَأَسْهَبَتْ أَيْ أَمْعَنَتْ فِي سَهْبٍ وَهِيَ الْأَرْضُ الْوَاسِعَةُ شهرا وَتَأَخر خبرهم فَأَرْجَفَ الْمُنَافِقُونَ وَقَالُوا: قُتِلُوا جَمِيعًا، فَأَخْبَرَ اللَّهُ عَنْهُمْ بِقَوْلِهِ: وَالْعادِياتِ ضَبْحاً
[العاديات: 1] الْآيَاتِ، إِعْلَامًا بِأَنَّ خَيْلَهُمْ قَدْ فَعَلَتْ جَمِيعَ مَا فِي تِلْكَ الْآيَاتِ.
وَهَذَا الْحَدِيثُ قَالَ فِي «الْإِتْقَانِ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: رَوَى أَبُو بكر الْبَزَّار هُنَا حَدِيثًا غَرِيبًا جِدًّا وَسَاقَ الْحَدِيثَ قَرِيبًا مِمَّا لِلْوَاحِدِيِّ.
وَأَقُولُ غَرَابَةُ الْحَدِيثِ لَا تُنَاكِدُ قَبُولَهُ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ ثِقَاتٍ إِلَّا أَنَّ فِي سَنَدِهِ حَفْصَ بْنَ جُمَيْعٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ. فَالرَّاجِحُ أَنَّ السُّورَةَ مَدَنِيَّةٌ.