عَلَى الْحَنِيفِيَّةِ فَأَدْخَلُوا فِيهَا عِبَادَةَ الْأَصْنَامِ ثُمَّ إِنَّهُمْ أَصَرُّوا عَلَى دِينِهِمْ بَعْدَ مَا شَاهَدُوا مِنْ دَلَائِلِ صِدْقِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا جَاءَ بِهِ الْقُرْآنُ مِنَ الْإِعْجَازِ وَالْإِنْبَاءِ بِمَا فِي كُتُبِ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَذَلِكَ مِمَّا لَمْ يُشَارِكْهُمْ فِيهِ غَيْرُهُمْ فَقَدِ اجْتَنَوْا لِأَنْفُسِهِمُ الشَّرَّ مِنْ حَيْثُ كَانُوا أَهْلًا لِنَوَالِ الْخَيْرِ فَحَسْرَتُهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَشَدُّ مِنْ حَسْرَةِ مَنْ عَدَاهُمْ فَكَانَ الْفَرِيقَانِ شَرًّا مِنَ الْوَثَنِيِّينَ وَالزَّنَادِقَةِ فِي اسْتِحْقَاقِ الْعِقَابِ لَا فِيمَا يُرْجَى مِنْهُمْ مِنَ الِاقْتِرَابِ.

وَأُقْحِمَ اسْمُ الْإِشَارَةِ بَيْنَ اسْمِ إِنَّ وَخَبَرِهَا لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّهُمْ أَحْرِيَاءُ بِالْحُكْمِ الْوَارِدِ بَعْدَ اسْمِ الْإِشَارَةِ مِنْ أَجْلِ الْأَوْصَافِ الَّتِي قَبْلَ اسْمِ الْإِشَارَةِ كَمَا فِي قَوْلِهِ: أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ [الْبَقَرَة: 5] . وَتَوْسِيطُ ضَمِيرِ الْفَصْلِ لِإِفَادَةِ اخْتِصَاصِهِمْ بِكَوْنِهِمْ شَرَّ الْبَرِيئَةِ لَا يُشَارِكُهُمْ فِي ذَلِكَ غَيْرُهُمْ مِنْ فِرَقِ أَهْلِ الْكُفْرِ لِمَا عَلِمْتَ آنِفًا. وَلَا يَرِدُ أَنَّ الشَّيَاطِينَ أَشَدُّ شَرًّا مِنْهُمْ لِمَا عَلِمْتَ أَنَّ اسْمَ الْبَرِيئَةِ اعْتُبِرَ إِطْلَاقُهُ على الْبشر.

والْبَرِيَّةِ قَرَأَهُ نَافِعٌ وَحْدَهُ وَابْنُ ذَكْوَانَ عَنِ ابْنِ عَامِرٍ بِهَمْزٍ بعد الْيَاء فعلية مِنْ بَرَأَ اللَّهُ، إِذَا خَلَقَ.

وَقَرَأَهُ بَقِيَّةُ الْعَشَرَةِ بِيَاءٍ تَحْتِيَّةٍ مُشَدَّدَةٍ دُونَ هَمْزٍ عَلَى تَسْهِيلِ الْهَمْزَةِ بَعْدَ الْكَسْرَةِ يَاءً وَإِدْغَامِ الْيَاءِ الْأُولَى فِي الْيَاءِ الثَّانِيَةِ تَخْفِيفًا.

وَإِثْبَاتُ الْهَمْزَةِ لُغَةُ أَهْلِ الْحِجَازِ، وَالتَّخْفِيفُ لُغَةُ بَقِيَّةِ الْعَرَبِ، كَمَا تَرَكُوا الْهَمْزَ فِي الدَّرِيَّةِ وَالنَّبِيِّ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: لَيْسَ أَحَدٌ مِنَ الْعَرَبِ إِلَّا وَيَقُولُ: تَنَبَّأَ مُسَيْلِمَةُ بِالْهَمْزِ غَيْرَ أَنَّهُمْ

تَرَكُوا الْهَمْز فِي النبيّ كَمَا تَرَكُوهُ فِي: الدَّرِيَّةِ وَالْبَرِيَّةِ إِلَّا أَهْلَ مَكَّةَ فَإِنَّهُمْ يَهْمِزُونَهَا وَيُخَالِفُونَ الْعَرَبَ فِي ذَلِكَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015