وَالْغَشْيِ، وَالسَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَالْبِنَاءِ وَالطَّحْوِ، وَالْفُجُورِ وَالتَّقْوَى، وَالْفَلَاحِ وَالْخَيْبَةِ، وَالتَّزْكِيَةِ وَالتَّدْسِيَةِ.
[11- 15]
كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْواها (11) إِذِ انْبَعَثَ أَشْقاها (12) فَقالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ناقَةَ اللَّهِ وَسُقْياها (13) فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوها فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاها (14) وَلا يَخافُ عُقْباها (15)
كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْواها - إِذِ انْبَعَثَ أَشْقاها - فَقالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ناقَةَ اللَّهِ وَسُقْياها - فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوها
إِنْ كَانَتْ جُمْلَةُ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها [الشَّمْس: 9] إِلَخْ مُعْتَرِضَةً كَانَتْ هَذِهِ جَوَابًا لِلْقَسَمِ بِاعْتِبَارِ مَا فُرِّعَ عَلَيْهَا بِقَوْلِهِ: فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ أَيْ حَقًّا لَقَدْ كَانَ ذَلِكَ لِذَلِكَ، وَلَامُ الْجَوَابِ مَحْذُوفٌ تَخْفِيفًا لِاسْتِطَالَةِ الْقَسَمِ، وَقَدْ مَثَّلُوا لِحَذْفِ اللَّامِ بِهَذِهِ الْآيَةِ وَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ إِلَى قَوْلِهِ: قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ [البروج: 1- 4] .
وَالْمَقْصُودُ: التَّعْرِيضُ بِتَهْدِيدِ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ كَذَّبُوا الرَّسُولَ طُغْيَانًا هُمْ يَعْلَمُونَهُ مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَا كَذَّبَتْ ثَمُودُ رَسُولَهُمْ طُغْيَانًا، وَذَلِكَ هُوَ الْمُحْتَاجُ إِلَى التَّأْكِيدِ بِالْقَسَمِ لِأَنَّ الْمُشْرِكِينَ لَمْ يَهْتَدُوا إِلَى أَنَّ مَا حَلَّ بِثَمُودَ مِنَ الِاسْتِئْصَالِ كَانَ لِأَجْلِ تَكْذِيبِهِمْ رَسُولَ اللَّهِ إِلَيْهِمْ، فَنَبَّهَهُمُ اللَّهُ بِهَذَا لِيَتَدَبَّرُوا أَوْ لِتَنْزِيلِ عِلْمِ مَنْ عَلِمَ ذَلِكَ مِنْهُمْ مَنْزِلَةَ الْإِنْكَارِ لِعَدَمِ جَرْيِ أَمْرِهِمْ عَلَى مُوجَبِ الْعِلْمِ، فَكَأَنَّهُ قيل: أقسم ليصيبكم عَذَابٌ كَمَا أَصَابَ ثَمُودَ، وَلَقَدْ أَصَابَ الْمُشْرِكِينَ عَذَابُ السَّيْفِ بِأَيْدِي الَّذِينَ عَادَوْهُمْ وَآذَوْهُمْ وَأَخْرَجُوهُمْ، وَذَلِكَ أَقْسَى عَلَيْهِمْ وَأَنْكَى.
فَمَفْعُولُ كَذَّبَتْ مَحْذُوفٌ لِدَلَالَةِ قَوْلِهِ بَعْدَهُ: فَقالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ وَالتَّقْدِيرُ:
كَذَّبُوا رَسُولَ اللَّهِ.
وَتَقَدَّمَ ذِكْرُ ثَمُودَ وَرَسُولِهِمْ صَالِحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ.
وباء بِطَغْواها للسبية، أَيْ كَانَتْ طَغْوَاهَا سَبَبَ تَكْذِيبِهِمْ رَسُولَ اللَّهِ إِلَيْهِمْ.
وَالطَّغْوَى: اسْمُ مَصْدَرٍ يُقَالُ: طَغَا طَغْوًا وَطُغْيَانًا، وَالطُّغْيَانُ: فَرْطُ الْكِبْرِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [15] ، وَفِيهِ تَعْرِيضٌ بِتَنْظِيرِ مُشْرِكِي قُرَيْشٍ فِي تَكْذِيبِهِمْ بِثَمُودَ فِي أَنَّ سَبَبَ تَكْذِيبِهِمْ هُوَ