مَحْذُوفَةٌ عَوَّضَ عَنْهَا التَّنْوِينُ، وَيَدُلُّ عَلَيْهَا مَا فِي اسْمِ الْغاشِيَةِ مِنْ لَمْحِ أَصْلِ الْوَصْفِيَّةِ لِأَنَّهَا بِمَعْنَى الَّتِي تَغْشَى النَّاسَ فَتَقْدِيرُ الْجُمْلَةِ الْمَحْذُوفَةِ يَوْمَ إِذْ تَغْشَى الْغَاشِيَةُ.
أَوْ يَدُلُّ عَلَى الْجُمْلَةِ سِيَاقُ الْكَلَامِ فَتُقَدَّرُ الْجُمْلَةُ: يَوْمَ إِذْ تَحْدُثُ أَوْ تَقَعُ.
وخاشِعَةٌ: ذَلِيلَةٌ يُطْلَقُ الْخُشُوعُ عَلَى الْمَذَلَّةِ قَالَ تَعَالَى: وَتَراهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْها خاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ [الشورى: 45] وَقَالَ: خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ [المعارج: 44] .
وَالْعَامِلَةُ: الْمُكَلَّفَةُ الْعَمَلَ مِنَ الْمَشَاقِّ يَوْمَئِذٍ. وناصِبَةٌ: مِنَ النَّصَبِ وَهُوَ التَّعَبُ.
وَأُوثِرَ وَصْفُ خاشِعَةٌ وعامِلَةٌ وناصِبَةٌ تَعْرِيضًا بِأَهْلِ الشَّقَاءِ بِتَذْكِيرِهِمْ بِأَنَّهُمْ تَرَكُوا الْخُشُوعَ لِلَّهِ وَالْعَمَلَ بِمَا أَمَرَ بِهِ وَالنَّصَبَ فِي الْقيام بِطَاعَتِهِ، فجزاؤهم خُشُوعٌ مذلّة، وَعَمَلُ مَشَقَّةٍ، وَنَصَبُ إِرْهَاقٍ.
وَجُمْلَةُ: تَصْلى نَارًا حامِيَةً خَبَرٌ رَابِعٌ عَنْ وُجُوهٌ وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ حَالًا، يُقَالُ: صلي يصلّى، إِذا أَصَابَهُ حَرُّ النَّارِ، وَعَلَيْهِ فَذَكَرَ: نَارًا بَعْدَ تَصْلى لِزِيَادَةِ التَّهْوِيلِ وَالْإِرْهَابِ وَلِيُجْرَى عَلَى نَارًا وَصْفُ حامِيَةً وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ تَصْلى بِفَتْحِ التَّاءِ أَيْ يُصِيبُهَا صِلِيُّ النَّارِ. وَقَرَأَهُ أَبُو عَمْرٍو وَأَبُو بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ وَيَعْقُوبُ «تُصْلَى» بِضَمِّ التَّاءِ مِنْ أَصْلَاهُ النَّارَ بِهَمْزَةِ التَّعْدِيَةِ إِذَا أَنَالَهُ حَرُّهَا.
وَوَصَفَ النَّارَ بِ حامِيَةً لِإِفَادَةِ تَجَاوُزِ حَرِّهَا الْمِقْدَارَ الْمَعْرُوفَ لِأَنَّ الْحَمْيَ مِنْ لَوَازِمِ مَاهِيَّةِ النَّارِ فَلَمَّا وُصِفَتْ بِ حامِيَةً كَانَ دَالًّا عَلَى شِدَّةِ الْحِمَى قَالَ تَعَالَى: نارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ [الْهمزَة: 6] .
وَأَخْبَرَ عَنْ وُجُوهٌ خَبَرًا خَامِسًا بِجُمْلَةِ تُسْقى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ أَوْ هُوَ حَالٌ مِنْ ضَمِيرٍ تَصْلى لِأَنَّ ذِكْرَ الِاحْتِرَاقِ بِالنَّارِ يُحْضِرُ فِي الذِّهْنِ تَطَلُّبَ إِطْفَاءِ حَرَارَتِهَا بِالشَّرَابِ فَجُعِلَ شَرَابُهُمْ مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ.