وَمَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ مِنَ الْمَعَانِي يَشْهَدُ لِكَوْنِهَا مَكِّيَّةً وَحَسْبُكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى [الْأَعْلَى: 6] .
وَهِيَ مَعْدُودَةٌ ثَامِنَةً فِي تَرْتِيبِ نُزُولِ السُّوَرِ عِنْدَ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ نَزَلَتْ بَعْدَ سُورَةِ التَّكْوِيرِ وَقَبْلَ سُورَةِ اللَّيْلِ. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةَ وَالْحَسَنِ أَنَّهَا سَابِعَةٌ قَالُوا: أَوَّلُ مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ، ثُمَّ ن، ثُمَّ المزمل، ثمَّ المدثر، ثُمَّ تَبَّتْ، ثُمَّ إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ، ثُمَّ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ. وَأَمَّا جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ فَعَدَّ الْفَاتِحَةَ بَعْدَ الْمُدَّثِّرِ ثُمَّ عَدَّ الْبَقِيَّةَ فَهِيَ عِنْده ثامنة، فَهِيَ مِنْ أَوَائِلِ السُّورِ وَقَوْلُهُ تَعَالَى: سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى يُنَادِي عَلَى ذَلِكَ.
وَعَدَدُ آيِهَا تِسْعَ عَشْرَةَ آيَةً بِاتِّفَاقِ أهل الْعدَد.
اشْتَمَلَتْ عَلَى تَنْزِيهِ اللَّهِ تَعَالَى وَالْإِشَارَةِ إِلَى وَحْدَانِيَّتِهِ لِانْفِرَادِهِ بِخَلْقِ الْإِنْسَانِ وَخَلْقِ مَا فِي الْأَرْضِ مِمَّا فِيهِ بَقَاؤُهُ.
وَعَلَى تَأْيِيدِ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَثْبِيتِهِ عَلَى تَلَقِّي الْوَحْيِ.
وَأَنَّ اللَّهَ مُعْطِيهِ شَرِيعَةً سَمْحَةً وَكِتَابًا يَتَذَكَّرُ بِهِ أَهْلُ النُّفُوسَ الزَّكِيَّةِ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ، وَيُعْرِضُ عَنْهُمْ أَهْلُ الشَّقَاوَةِ الَّذِينَ يُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَلَا يعبأون بِالْحَيَاةِ الْأَبَدِيَّةِ.
وَأَنَّ مَا أُوحِيَ إِلَيْهِ يُصَدِّقُهُ مَا فِي كُتُبِ الرُّسُلِ مِنْ قَبْلِهِ وَذَلِكَ كُلُّهُ تَهْوِينٌ لِمَا يَلْقَاهُ مِنْ إِعْرَاض الْمُشْركين.
[1- 5]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (2) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى (3) وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعى (4)
فَجَعَلَهُ غُثاءً أَحْوى (5)
الِافْتِتَاحُ بِأَمْرِ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنْ يُسَبِّحَ اسْمَ رَبِّهِ بِالْقَوْلِ، يُؤْذِنُ بِأَنَّهُ سَيُلْقِي إِلَيْهِ عَقِبَهُ بِشَارَةً وَخَيْرًا لَهُ وَذَلِكَ قَوْلُهُ: سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى [الْأَعْلَى: 6] الْآيَاتِ كَمَا سَيَأْتِي فَفِيهِ بَرَاعَةُ اسْتِهْلَالٍ.