وَإِثْبَاتُ إِمْكَانِ الْبَعْثِ بِنَقْضِ مَا أَحَالَهُ الْمُشْرِكُونَ بِبَيَانِ إِمْكَانِ إِعَادَةِ الْأَجْسَامِ.

وَأُدْمِجَ فِي ذَلِكَ التَّذْكِيرُ بِدَقِيقِ صُنْعِ اللَّهِ وَحِكْمَتِهِ فِي خَلْقِ الْإِنْسَانِ.

وَالتَّنْوِيهُ بِشَأْنِ الْقُرْآنِ.

وَصِدْقُ مَا ذُكِرَ فِيهِ مِنَ الْبَعْثِ لِأَنَّ إِخْبَارَ الْقُرْآنِ بِهِ لَمَّا اسْتَبْعَدُوهُ وَمَوَّهُوا عَلَى النَّاسِ بِأَنَّ مَا فِيهِ غَيْرُ صِدْقٍ. وَتَهْدِيدُ الْمُشْركين الَّذين ناوؤا الْمُسْلِمِينَ.

وَتَثْبِيتُ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَعْدُهُ بِأَنَّ اللَّهَ مُنْتَصِرٌ لَهُ غير بعيد.

[1- 4]

[سُورَة الطارق (86) : الْآيَات 1 إِلَى 4]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

وَالسَّماءِ وَالطَّارِقِ (1) وَما أَدْراكَ مَا الطَّارِقُ (2) النَّجْمُ الثَّاقِبُ (3) إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ (4)

افْتِتَاحُ السُّورَةِ بِالْقَسَمِ تَحْقِيقٌ لِمَا يُقْسِمُ عَلَيْهِ وَتَشْوِيقٌ إِلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي سَوَابِقِهَا. وَوَقَعَ الْقَسَمُ بِمَخْلُوقَيْنِ عَظِيمَيْنِ فِيهِمَا دَلَالَةٌ عَلَى عَظِيمِ قُدْرَةِ خَالِقِهِمَا هُمَا: السَّمَاءُ، وَالنُّجُومُ، أَوْ نَجْمٌ مِنْهَا عَظِيمٌ مِنْهَا مَعْرُوفٌ، أَوْ مَا يَبْدُو انْقِضَاضُهُ مِنَ الشُّهُبِ كَمَا سَيَأْتِي.

والطَّارِقِ: وَصْفٌ مُشْتَقٌّ مِنَ الطُّرُوقِ، وَهُوَ الْمَجِيءُ لَيْلًا لِأَنَّ عَادَةَ الْعَرَبِ أَنَّ النَّازِلَ بِالْحَيِّ لَيْلًا يَطْرُقُ شَيْئًا مِنْ حَجَرٍ أَوْ وَتِدٍ إِشْعَارًا لِرَبِّ الْبَيْتِ أَنَّ نَزِيلًا نَزَلَ بِهِ لِأَنَّ نُزُولَهُ يَقْضِي بِأَنْ يُضَيِّفُوهُ، فَأَطْلَقَ الطُّرُوقَ عَلَى النُّزُولِ لَيْلًا مَجَازًا مُرْسَلًا فَغَلَبَ الطُّرُوقُ عَلَى الْقُدُومِ لَيْلًا.

وَأُبْهِمَ الْمَوْصُوفُ بِالطَّارِقِ ابْتِدَاءً، ثُمَّ زِيدَ إِبْهَامًا مَشُوبًا بِتَعْظِيمِ أَمْرِهِ بِقَوْلِهِ: وَما أَدْراكَ مَا الطَّارِقُ ثُمَّ بَيَّنَ بِأَنَّهُ: النَّجْمُ الثَّاقِبُ لِيَحْصُلَ مِنْ ذَلِكَ مَزِيدُ تَقَرُّرٍ لِلْمُرَادِ بِالْمُقْسَمِ بِهِ وَهُوَ أَنَّهُ مِنْ جِنْسِ النُّجُومِ، شُبِّهَ طُلُوعُ النَّجْمِ لَيْلًا بِطُرُوقِ الْمُسَافِرِ الطَّارِقِ بَيْتًا بِجَامِعِ كَوْنِهِ ظُهُورًا فِي اللَّيْلِ.

وَمَا أَدْراكَ اسْتِفْهَامٌ مُسْتَعْمَلٌ فِي تَعْظِيمِ الْأَمْرِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015