وَالْقَوْلُ فِي وَما أَدْراكَ مَا عِلِّيُّونَ كَالْقَوْلِ فِي وَما أَدْراكَ مَا سِجِّينٌ كِتابٌ مَرْقُومٌ [المطففين: 8، 9] الْمُتَقَدِّمِ.
ويَشْهَدُهُ يَطَّلِعُونَ عَلَيْهِ، أَيْ يُعْلَنُ بِهِ عِنْدَ الْمُقَرَّبِينَ، وَهُمُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ إِعْلَانُ تَنْوِيهٍ بِصَاحِبِهِ كَمَا يُعْلَنُ بِأَسْمَاءِ النَّابِغِينَ فِي التَّعْلِيمِ، وَأَسْمَاءِ الْأَبْطَالِ فِي الْكَتَائِب.
[22- 28]
إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ (22) عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ (23) تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ (24) يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ (25) خِتامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذلِكَ فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ (26)
وَمِزاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ (27) عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ (28)
مَضْمُونُ هَذِهِ الْجُمْلَةِ قَسِيمٌ لِمَضْمُونِ جُمْلَةِ: إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ [المطففين: 15] إِلَى آخِرِهَا. وَلِذَلِكَ جَاءَتْ عَلَى نَسِيجِ نَظْمِ قَسِيمَتِهَا افْتِتَاحًا وَتَوْصِيفًا وَفَصْلًا، وَهِيَ مُبَيِّنَةٌ لِجُمْلَةِ: إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ [المطففين: 18] فَمَوْقِعُهَا مَوْقِعُ الْبَيَانِ أَوْ مَوْقِعُ بَدَلِ الِاشْتِمَالِ عَلَى كِلَا الْوَجْهَيْنِ فِي مَوْقِعِ الَّتِي قَبْلَهَا عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْكَلَامِ الَّذِي يُقَال لَهُم، وَهُوَ المحكي بقوله: ثُمَّ يُقالُ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ [المطففين: 17] فَيَكُونُ قَوْلُ ذَلِكَ لَهُمْ، تَحْسِيرًا وَتَنْدِيمًا عَلَى تَفْرِيطِهِمْ فِي الْإِيمَانِ.
وَأَحَدُ الْوَجْهَيْنِ لَا يُنَاكِدُ الْوَجْهَ الْآخَرَ فِيمَا قُرِّرَ لِلْجُمْلَةِ مِنَ الْخُصُوصِيَّاتِ.
وَذُكِرَ الْأَبْرَارُ بِالِاسْمِ الظَّاهِرِ دُونَ ضَمِيرِهِمْ. خِلَافًا لِمَا جَاءَ فِي جُمْلَةِ: إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ [المطففين: 15] تَنْوِيهًا بِوَصْفِ الْأَبْرَارِ.
وَقَوْلُهُ: عَلَى الْأَرائِكِ خَبَرٌ ثَانٍ عَنِ الْأَبْرَارِ، أَيْ هُمْ عَلَى الْأَرَائِكِ، أَيْ مُتَّكِئُونَ عَلَيْهَا.
وَالْأَرَائِكُ: جَمْعُ أَرِيكَةٍ بِوَزْنِ سَفِينَةٍ، وَالْأَرِيكَةُ: اسْمٌ لِمَجْمُوعِ سَرِيرٍ وَوِسَادَتِهِ وَحَجَلَةٍ مَنْصُوبَةٍ عَلَيْهِمَا، فَلَا يُقَالُ: أَرِيكَةٌ إِلَّا لِمَجْمُوعِ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ، وَقِيلَ: إِنَّهَا حَبَشِيَّةٌ وَتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ فِي سُورَةِ الْإِنْسَانِ