وَإِيقَاظِ الْمُشْرِكِينَ لِلنَّظَرِ فِي الْأُمُورِ الَّتِي صَرَفَتْهُمْ عَنِ الِاعْتِرَافِ بِتَوْحِيدِ اللَّهِ تَعَالَى وَعَنِ النَّظَرِ فِي دَلَائِلِ وُقُوعِ الْبَعْثِ وَالْجَزَاءِ.
وَالْأَعْلَامِ بِأَنَّ الْأَعْمَالَ مُحْصَاةٌ. وَبَيَانِ جَزَاءِ الْأَعْمَالِ خَيْرِهَا وَشَرِّهَا.
وَإِنْذَارِ النَّاسِ بِأَنْ لَا يَحْسَبُوا شَيْئًا يُنْجِيهِمْ مِنْ جَزَاءِ اللَّهِ إيَّاهُم على سيّىء أَعْمَالهم.
[1- 5]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ (1) وَإِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ (2) وَإِذَا الْبِحارُ فُجِّرَتْ (3) وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ (4)
عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ (5)
الِافْتِتَاحُ بِ إِذَا افْتِتَاحٌ مُشَوِّقٌ لِمَا يَرِدُ بَعْدَهَا مِنْ مُتَعَلِّقِهَا الَّذِي هُوَ جَوَابُ مَا فِي (إِذَا) مِنْ مَعْنَى الشَّرْطِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ سُورَةِ إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ، سِوَى أَنَّ الْجُمَلَ الْمُتَعَاطِفَةَ الْمُضَافَ إِلَيْهَا هِيَ هُنَا أَقَلُّ مِنَ اللَّاتِي فِي سُورَةِ التَّكْوِيرِ لِأَنَّ الْمَقَامَ لَمْ يَقْتَضِ تَطْوِيلَ الْإِطْنَابِ كَمَا اقْتَضَاهُ الْمَقَامُ فِي سُورَةِ التَّكْوِيرِ وَإِنْ كَانَ فِي كِلْتَيْهِمَا مُقْتَضٍ لِلْإِطْنَابِ لَكِنَّهُ مُتَفَاوِتٌ لِأَنَّ سُورَةَ التَّكْوِيرِ مِنْ أَوَّلِ السُّوَرِ نُزُولًا كَمَا عَلِمْتَ آنِفًا.
وَأَمَّا سُورَةُ الِانْفِطَارِ فَبَيْنَهَا وَبَيْنَ سُورَةِ التَّكْوِيرِ أَرْبَعٌ وَسَبْعُونَ سُورَةً تَكَرَّرَ فِي بَعْضِهَا إِثْبَاتُ الْبَعْثِ وَالْجَزَاءِ وَالْإِنْذَارِ وَتَقَرَّرَ عِنْدَ المخاطبين فأغنى عَن تَطْوِيلُ الْإِطْنَابِ وَالتَّهْوِيلِ.
وإِذَا ظَرْفٌ لِلْمُسْتَقْبَلِ مُتَضَمِّنٌ مَعْنَى الشَّرْطِ.
وَالْمُعْرِبُونَ يَقُولُونَ: خَافِضٌ لِشَرْطِهِ مَنْصُوبٌ بِجَوَابِهِ، وَهِيَ عِبَارَةٌ حَسَنَةٌ جَامِعَةٌ.
وَالْقَوْلُ فِي الْجُمَلِ الَّتِي أُضِيفَ إِلَيْهَا إِذَا مِنْ كَوْنِهَا جُمَلًا مُفْتَتَحَةً بِمُسْنِدٍ إِلَيْهِ مُخْبَرٍ عَنْهُ بِمَسْنَدٍ فِعْلِيٍّ دُونَ أَنْ يُؤْتَى بِالْجُمْلَةِ الْفِعْلِيَّةِ وَدُونَ تَقْدِيرِ أَفْعَالٍ مَحْذُوفَةٍ قَبْلَ الْأَسْمَاءِ، لِقَصْدِ الِاهْتِمَامِ بِالْمُسْنَدِ إِلَيْهِ وَتَقْوِيَةِ الْخَبَرِ.