عَنْهُ بِمَكْتُومٍ. وَنُسِبَ إِلَى أُمِّهِ لِأَنَّهَا أَشْرَفُ بَيْتًا مِنْ بَيْتِ أَبِيهِ لِأَنَّ بَنِي مَخْزُومٍ مِنْ أَهْلِ بُيُوتَاتِ قُرَيْشٍ فَوْقَ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ. وَهَذَا كَمَا نُسِبَ عَمْرُو بْنُ الْمُنْذِرِ مَلِكُ الْحِيرَةِ إِلَى أُمِّهِ هِنْدِ بِنْتِ الْحَارِثِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حُجْرٍ آكِلِ الْمُرَارِ زِيَادَةً فِي تشريفه بوراثة الْمُلْكِ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ.
وَوَقَعَ فِي «الْكَشَّافِ» : أَنَّ أَمَّ مَكْتُومٍ هِيَ أَمُّ أَبِيهِ. وَقَالَ الطَّيِّبِيُّ: إِنَّهُ وَهْمٌ، وَأَسْلَمَ قَدِيمًا وَهَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ قَبْلَ مَقْدَمِ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهَا، وَتُوفِيَ بِالْقَادِسِيَّةِ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ بَعْدَ
سَنَةِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ أَوْ خَمْسَ عَشْرَةَ.
وَفِيهِ نَزَلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ وَآيَةُ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ مِنْ سُورَةِ النِّسَاءِ [95] .
وَكَانَ النَّبِيءُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّهُ وَيُكْرِمُهُ وَقَدِ اسْتَخْلَفَهُ عَلَى الْمَدِينَةِ فِي خُرُوجِهِ إِلَى الْغَزَوَاتِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ مَرَّةً، وَكَانَ مُؤَذِّنَ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ وَبِلَالُ بْنُ رَبَاحٍ.
وَالْعُبُوسُ بِضَمِّ الْعَيْنِ: تَقْطِيبُ الْوَجْهِ وَإِظْهَارُ الْغَضَبِ. وَيُقَالُ: رَجُلٌ عَبُوسٌ بِفَتْحِ الْعَيْنِ، أَيْ مُتَقَطِّبٌ، قَالَ تَعَالَى: إِنَّا نَخافُ مِنْ رَبِّنا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً [الْإِنْسَان: 10] .
وَعَبَسَ مِنْ بَابِ ضَرَبَ.
وَالتَّوَلِّي: أَصْلُهُ تحوّل الذَّات عَن مَكَانِهَا، وَيُسْتَعَارُ لِعَدَمِ اشْتِغَالِ الْمَرْءِ بِكَلَامٍ يُلْقَى إِلَيْهِ أَوْ جَلِيسٍ يَحِلُّ عِنْدَهُ، وَهُوَ هُنَا مُسْتَعَارٌ لِعَدَمِ الِاشْتِغَالِ بِسُؤَالِ سَائِلٍ وَلِعَدَمِ الْإِقْبَالِ عَلَى الزَّائِرِ.
وَحَذْفُ مُتَعَلَّقِ تَوَلَّى لِظُهُورِ أَنَّهُ تَوَلٍّ عَنِ الَّذِي مَجِيئُهُ كَانَ سَبَبَ التَّوَلِّي.
وَعُبِّرَ عَنِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ بِ الْأَعْمى تَرْقِيقًا لِلنَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَكُونَ الْعِتَابُ مَلْحُوظًا فِيهِ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ صَاحِبَ ضَرَارَةٍ فَهُوَ أَجْدَرُ بِالْعِنَايَةِ بِهِ، لِأَنَّ مِثْلَهُ يَكُونُ سَرِيعًا إِلَى انْكِسَارِ خَاطِرِهِ.
وأَنْ جاءَهُ الْأَعْمى مَجْرُورٌ بِلَامِ الْجَرِّ مَحْذُوفٌ مَعَ أَنْ وَهُوَ حَذْفٌ مُطَّرِدٌ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِفِعْلَيْ عَبَسَ وَتَوَلَّى عَلَى طَرِيقَةِ التَّنَازُعِ.
وَالْعِلْمُ بِالْحَادِثَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مَجِيءٌ خَاصٌّ وَأَعْمَى مَعْهُودٌ.
وَصِيغَةُ الْخَبَرِ مُسْتَعْمَلَةٌ فِي الْعِتَابِ عَلَى الْغَفْلَةِ عَنِ الْمَقْصُودِ الَّذِي تَضَمَّنَهُ الْخَبَرُ