أغراضها اشْتَمَلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ عَلَى وَصْفِ خَوْضِ الْمُشْرِكِينَ فِي شَأْنِ الْقُرْآنِ وَمَا جَاءَ بِهِ مِمَّا يُخَالِفُ مُعْتَقَدَاتِهِمْ، وَمِنْ ذَلِكَ إِثْبَاتُ الْبَعْثِ، وَسُؤَالُ بَعْضِهِمْ بَعْضًا عَنِ الرَّأْيِ فِي وُقُوعِهِ مُسْتَهْزِئِينَ بِالْإِخْبَارِ عَنْ وُقُوعِهِ.
وَتَهْدِيدُهُمْ عَلَى اسْتِهْزَائِهِمْ.
وَفِيهَا إِقَامَةُ الْحُجَّةِ عَلَى إِمْكَانِ الْبَعْثِ بِخَلْقِ الْمَخْلُوقَاتِ الَّتِي هِيَ أَعْظَمُ مِنْ خَلْقِ الْإِنْسَانِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَبِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ لِلْإِنْسَانِ وَأَحْوَالِهِ.
وَوَصْفُ الْأَهْوَالِ الْحَاصِلَةِ عِنْدَ الْبَعْثِ مِنْ عَذَابِ الطَّاغِينَ مَعَ مُقَابَلَةِ ذَلِكَ بِوَصْفِ نَعِيمِ الْمُؤْمِنِينَ.
وَصِفَةُ يَوْمِ الْحَشْرِ إِنْذَارًا لِلَّذِينَ جَحَدُوا بِهِ وَالْإِيمَاءُ إِلَى أَنَّهُمْ يُعَاقَبُونَ بِعَذَابٍ قَرِيبٍ قَبْلَ عَذَابِ يَوْمِ الْبَعْثِ.
وَأُدْمِجَ فِي ذَلِكَ أَنَّ عِلْمَ اللَّهِ تَعَالَى مُحِيطٌ بِكُلِّ شَيْءٍ وَمِنْ جُمْلَةِ الْأَشْيَاءِ أَعمال النَّاس.
[1- 3]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
عَمَّ يَتَساءَلُونَ (1) عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ (2) الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ (3)
افْتِتَاحُ الْكَلَامِ بِالِاسْتِفْهَامِ عَنْ تَسَاؤُلِ جَمَاعَةٍ عَنْ نَبَأٍ عَظِيمٍ، افْتِتَاحُ تَشْوِيقٍ ثُمَّ تَهْوِيلٍ لِمَا سَيُذْكَرُ بَعْدَهُ، فَهُوَ مِنَ الْفَوَاتِحِ الْبَدِيعَةِ لِمَا فِيهَا مِنْ أُسْلُوبٍ عَزِيزٍ غَيْرِ مَأْلُوفٍ وَمِنْ تَشْوِيقٍ بِطَرِيقَةِ الْإِجْمَالِ ثُمَّ التَّفْصِيلِ الْمُحَصِّلَةِ لِتَمَكُّنِ الْخَبَرِ الْآتِي بَعْدَهُ فِي نَفْسِ السَّامِعِ أكمل تمكن.
وَإِذ كَانَ هَذَا الِافْتِتَاحُ مُؤْذِنًا بِعَظِيمِ أَمْرٍ كَانَ مُؤْذِنًا بِالتَّصَدِّي لِقَوْلٍ فَصْلٍ فِيهِ، وَلَمَّا كَانَ فِي ذَلِكَ إِشْعَارٌ بِأَهَمِّ مَا فِيهِ خَوْضُهُمْ يَوْمَئِذٍ يُجْعَلُ افْتِتَاحَ الْكَلَامِ بِهِ مِنْ بَرَاعَةِ الِاسْتِهْلَالِ.