وَ (التفجيرُ) : فَتْحُ الْأَرْضِ عَنِ الْمَاءِ أَيِ اسْتِنْبَاطُ الْمَاءِ الْغَزِيرِ وَأُطْلِقَ هُنَا عَلَى الِاسْتِقَاءِ مِنْهَا بِلَا حَدٍّ وَلَا نُضُوبٍ فَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ يَفْجُرُ لِنَفْسِهِ يَنْبُوعًا وَهَذَا مِنْ الِاسْتِعَارَةِ.

وَأُكِّدَ فِعْلُ يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً ترشيحا للاستعارة.

[7]

[سُورَة الْإِنْسَان (76) : آيَة 7]

يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً (7)

اعْتِرَاضٌ بَيْنَ جُمْلَةِ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ [الْإِنْسَان: 5] إِلَخْ وَبَيْنَ جُمْلَةِ وَيُطافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ [الْإِنْسَان: 15] إِلَخْ. وَهَذَا الِاعْتِرَاضُ اسْتِئْنَافٌ بَيَانِيٌّ هُوَ جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مِنْ شَأْنِ الْكَلَامِ السَّابِقِ أَنْ يثيره فِي نَفسه السَّامِعِ الْمُغْتَبِطِ بِأَنْ يَنَالَ مِثْلَ مَا نَالُوا مِنَ النَّعِيمِ وَالْكَرَامَةِ فِي الْآخِرَةِ. فَيَهْتَمُّ بِأَن يفعل مثل مَا فَعَلُوا، فَذَكَرَ بَعْضَ أَعْمَالِهِمُ الصَّالِحَةِ الَّتِي هِيَ مِنْ آثَارِ الْإِيمَانِ مَعَ التَّعْرِيضِ لَهُمْ بِالِاسْتِزَادَةِ مِنْهَا فِي الدُّنْيَا.

وَالْكَلَامُ إِخْبَارٌ عَنْهُمْ صَادِرٌ فِي وَقْتِ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَاتِ، بَعْضُهُ وَصْفٌ لِحَالِهِمْ فِي

الْآخِرَةِ وَبَعْضُهُ وَصْفٌ لِبَعْضِ حَالِهِمْ فِي الدُّنْيَا الْمُوجِبِ لِنَوَالِ مَا نَالُوهُ فِي الْآخِرَةِ، فَلَا حَاجَةَ إِلَى قَوْلِ الْفَرَّاءِ: إِنَّ فِي الْكَلَامِ إِضْمَارًا وَتَقْدِيرُهُ: كَانُوا يُوفُونَ بِالنَّذْرِ.

وَلَيْسَتِ الْجُمْلَةُ حَالًا من الْأَبْرارَ [الْإِنْسَان: 5] وَضَمِيرِهِمْ لِأَنَّ الْحَالَ قَيْدٌ لِعَامِلِهَا فَلَوْ جُعِلَتْ حَالًا لَكَانَتْ قَيْدًا ل يَشْرَبُونَ [الْإِنْسَان: 5] ، وَلَيْسَ وَفَاؤُهُمْ بِالنَّذْرِ بِحَاصِلٍ فِي وَقْتِ شُرْبِهِمْ مِنْ خَمْرِ الْجَنَّةِ بَلْ هُوَ بِمَا أَسْلَفُوهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا.

وَالْوَفَاءُ: أَدَاءُ مَا وَجَبَ عَلَى الْمُؤَدِّي وَافِيًا دُونَ نَقْصٍ وَلَا تَقْصِيرٍ فِيهِ.

وَالنَّذْرُ: مَا يَعْتَزِمُهُ الْمَرْءُ وَيَعْقِدُ عَلَيْهِ نِيَّتَهُ، قَالَ عَنْتَرَةُ:

وَالنَّاذِرَيْنِ إِذَا لَمْ أَلْقَهُمَا دَمِي وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَا عَقَدُوا عَلَيْهِ عَزْمَهُمْ مِنَ الْإِيمَانِ وَالِامْتِثَالِ وَهُوَ مَا اسْتَحَقُّوا بِهِ صفة الْأَبْرارَ [الْإِنْسَان: 5] .

وَيَجُوزُ أَن يُرَاد بِالنَّذْرِ مَا يُنْذِرُونَهُ مِنْ فِعْلِ الْخَيْرِ الْمُتَقَرَّبِ بِهِ إِلَى اللَّهِ، أَيْ يُنْشِئُونَ النُّذُورَ بِهَا لِيُوجِبُوهَا عَلَى أَنْفُسِهِمْ.

وَجِيءَ بِصِيغَةِ الْمُضَارِعِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى تَجَدُّدِ وَفَائِهِمْ بِمَا عَقَدُوا عَلَيْهِ ضَمَائِرَهُمْ مِنْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015