وَاشْتَمَلَتْ عَلَى الْأَمْرِ بِقِيَامِ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَالِبَ اللَّيْلِ وَالثَّنَاءِ عَلَى طَائِفَةٍ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ حَمَلُوا أَنْفُسَهُمْ عَلَى قِيَامِ اللَّيْلِ.
وَعَلَى تَثْبِيتِ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَحَمُّلِ إِبْلَاغِ الْوَحْيِ.
وَالْأَمْرِ بِإِدَامَةِ إِقَامَةِ الصَّلَاةِ وَأَدَاءِ الزَّكَاةِ وَإِعْطَاءِ الصَّدَقَاتِ.
وَأَمْرِهِ بِالتَّمَحُّضِ لِلْقِيَامِ بِمَا أَمَرَهُ اللَّهُ مِنَ التَّبْلِيغِ وَبِأَنْ يَتَوَكَّلَ عَلَيْهِ.
وَأَمْرِهِ بِالْإِعْرَاضِ عَنْ تَكْذِيبِ الْمُشْرِكِينَ.
وَتَكَفُّلِ اللَّهِ لَهُ بِالنَّصْرِ عَلَيْهِمْ وَأَنَّ جَزَاءَهُمْ بِيَدِ اللَّهِ.
وَالْوَعِيدِ لَهُمْ بِعَذَابِ الْآخِرَةِ.
وَوَعْظِهِمْ مِمَّا حَلَّ بِقَوْمِ فِرْعَوْنَ لَمَّا كَذَّبُوا رَسُولَ اللَّهِ إِلَيْهِمْ.
وَذِكْرِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَوَصْفِ أَهْوَالِهِ.
وَنَسْخِ قِيَامِ مُعْظَمِ اللَّيْلِ بِالِاكْتِفَاءِ بِقِيَامِ بعضه رعيا لأعذار الْمُلَازِمَةِ.
وَالْوَعْدِ بِالْجَزَاءِ الْعَظِيمِ عَلَى أَفْعَالِ الْخَيْرَاتِ.
وَالْمُبَادَرَةِ بِالتَّوْبَةِ وَأُدْمِجَ فِي ذَلِكَ أَدَبُ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَتَدَبُّرِهِ.
وَأَنَّ أَعْمَالَ النَّهَارِ لَا يُغْنِي عَنْهَا قِيَامُ اللَّيْلِ.
وَفِي هَذِهِ السُّورَةِ مَوَاضِعُ عَوِيصَةٌ وَأَسَالِيبُ غامضة فَعَلَيْك بتدبرها.
[1- 4]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً (4)
يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ.
افْتِتَاحُ الْكَلَامِ بِالنِّدَاءِ إِذَا كَانَ الْمُخَاطَبُ وَاحِدًا وَلَمْ يَكُنْ بَعِيدًا يَدُلُّ عَلَى الِاعْتِنَاءِ بِمَا سَيُلْقَى إِلَى الْمُخَاطَبِ مِنْ كَلَامٍ.
وَالْأَصْلُ فِي النِّدَاءِ أَنْ يَكُونَ بِاسْمِ الْمُنَادَى الْعَلَمِ إِذَا كَانَ مَعْرُوفًا عِنْدَ الْمُتَكَلِّمِ فَلَا يُعْدَلُ مِنَ الِاسْم الْعَلَمِ إِلَى غَيْرِهِ مِنْ وَصْفٍ أَوْ إِضَافَةٍ إِلَّا لِغَرَضٍ يَقْصِدُهُ الْبُلَغَاءُ مِنْ تَعْظِيمٍ وَتَكْرِيمٍ نَحْوَ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ [الْأَنْفَال: 65] ، أَوْ تَلَطُّفٍ وَتَقَرُّبٍ نَحْوَ: يَا بُنَيَّ وَيَا أَبَتِ، أَوْ قَصْدِ تَهَكُّمٍ نَحْوَ: وَقالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ [الْحجر: 6] فَإِذَا نُودِيَ