لِلِابْتِدَاءِ وَمَا بَعْدَهَا جُمْلَةٌ ابْتِدَائِيَّةٌ. وَذَهَبَ الْأَخْفَشُ وَابْنُ مَالِكٍ إِلَى أَنَّ حَتَّى فِي مِثْلِهِ جَارَّةٌ وَأَنَّ إِذا فِي مَحَلِّ جَرٍّ وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ.
وَاعْلَمْ أَنَّ حَتَّى لَا يُفَارِقُهَا مَعْنَى الْغَايَةِ كَيْفَمَا كَانَ عَمَلُ حَتَّى.
وإِذا اسْمُ زَمَانٍ لِلْمُسْتَقْبَلِ مُضَمَّنٌ مَعْنَى الشَّرْطِ وَهُوَ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ بِالْفِعْلِ الَّذِي فِي جَوَابِهِ وَهُوَ فَسَيَعْلَمُونَ.
وَعَلَى رَأْيِ الْأَخْفَشِ وَابْنِ مَالِكٍ إِذا مَحَلِّ جَرٍّ بِ حَتَّى. وَاقْتِرَانُ جُمْلَةِ سَيَعْلَمُونَ بِالْفَاءِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ إِذا ضُمِّنَ مَعْنَى الشَّرْطِ، وَاقْتِرَانُ الْجَوَابِ بِسِينِ
الِاسْتِقْبَالِ يَصْرِفُ الْفِعْلَ الْمَاضِيَ بَعْدَ إِذا إِلَى زَمَنِ الِاسْتِقْبَالِ. وَجِيءَ بِالْجُمْلَةِ الْمُضَافِ إِلَيْهَا إِذا فِعْلًا مَاضِيًا لِلتَّنْبِيهِ عَلَى تَحْقِيقِ وُقُوعِهِ.
وَفِعْلُ سَيَعْلَمُونَ مُعَلَّقٌ عَنِ الْعَمَلِ بِوُقُوعِ الِاسْتِفْهَامِ بَعْدَهُ وَهُوَ اسْتِعْمَالٌ كَثِيرٌ فِي التَّعْلِيقِ لِأَنَّ الِاسْتِفْهَامَ بِمَا فِيهِ مِنَ الْإِبْهَامِ يَكُونُ كِنَايَةً عَنِ الْغَرَابَةِ بِحَيْثُ يَسْأَلُ النَّاسُ عَنْ تَعْيِينِ الشَّيْءِ بَعْدَ الْبَحْثِ عَنْهُ.
وَضَعْفُ النَّاصِرِ وَهَنٌ لَهُمْ مِنْ جِهَةِ وَهَنِ أَنْصَارِهِمْ، وَقِلَّةُ الْعَدَدِ وَهَنٌ لَهُمْ مِنْ جَانِبِ أَنْفُسِهِمْ، وَهَذَا وَعِيدٌ لَهُمْ بِخَيْبَةِ غُرُورِهِمْ بِالْأَمْنِ مِنْ غَلَبِ الْمُسْلِمِينَ فِي الدُّنْيَا فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ: نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ [الْقَمَر: 44] . وَقَالُوا: نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالًا وَأَوْلاداً [سبأ: 35] .
[25- 28]
قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً (25) عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً (26) إِلاَّ مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً (27) لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسالاتِ رَبِّهِمْ وَأَحاطَ بِما لَدَيْهِمْ وَأَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً (28)
قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً (25) عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً (26) إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً (27) لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسالاتِ رَبِّهِمْ.
كَانَ الْمُشْرِكُونَ يُكْثِرُونَ أَنْ يَسْأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَتى هذَا الْوَعْدُ [النَّمْل: 71] ، وعَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها [الْأَعْرَاف: 187] ، وَتَكَرَّرَتْ نِسْبَةُ ذَلِكَ إِلَيْهِمْ فِي الْقُرْآنِ، فَلَمَّا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: حَتَّى إِذا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً [الْجِنّ: 24] الْآيَةَ عَلِمَ أَنَّهُمْ سَيُعِيدُونَ مَا اعْتَادُوا قَوْلَهُ مِنَ السُّؤَالِ عَنْ وَقْتِ حُلُولِ الْوَعِيدِ فَأَمَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعِيدَ عَلَيْهِمْ مَا سَبَقَ مِنْ جَوَابِهِ.