وَ (عَلى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْراً مِنْهُمْ) مُتَعَلق بمسبوقين، أَيْ مَا نَحْنُ بِعَاجِزِينَ عَلَى ذَلِكَ التَّبْدِيلِ بِأَمْثَالِكُمْ كَمَا قَالَ فِي سُورَةِ الْوَاقِعَةِ [61] إِنَّا لَقَادِرُونَ عَلى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثالَكُمْ.

[42- 44]

[سُورَة المعارج (70) : الْآيَات 42 إِلَى 44]

فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (42) يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ سِراعاً كَأَنَّهُمْ إِلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ (43) خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ (44)

تَفْرِيعٌ عَلَى مَا تضمنه قَوْله: فَمالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ [المعارج: 36] مِنْ إِرَادَتِهِمْ بِفِعْلِهِمْ ذَلِكَ وَقَوْلِهِمْ: إِنَّنَا نَدْخُلُ الْجَنَّةَ، الِاسْتِهْزَاءَ بِالْقُرْآنِ وَالنَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَبَعْدَ إِبْطَالِهِ إِجْمَالًا وَتَفْصِيلًا فُرِّعَ عَنْ ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ رَسُولَهُ بِتَرْكِهِمْ لِلْعِلْمِ بِأَنَّهُمْ لَمْ يُجْدِ فِيهِمُ الْهَدْيُ وَالِاسْتِدْلَالُ وَأَنَّهُمْ مُصِرُّونَ عَلَى الْعِنَادِ وَالْمُنَاوَاةِ.

وَمَعْنَى الْأَمْرِ بِالتَّرْكِ فِي قَوْلِهِ: فَذَرْهُمْ أَنَّهُ أَمْرٌ بِتَرْكِ مَا أَهَمَّ النَّبِيءَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عِنَادِهِمْ وَإِصْرَارِهِمْ عَلَى الْكُفْرِ مَعَ وُضُوحِ الْحُجَجِ عَلَى إِثْبَاتِ الْبَعْثِ وَلَمَّا كَانَ أَكْبَرُ أَسْبَابِ إِعْرَاضِهِمْ وَإِصْرَارِهِمْ عَلَى كُفْرِهِمْ هُوَ خَوْضَهُمْ وَلَعِبَهُمْ كُنِّيَ بِهِ عَنِ الْإِعْرَاضِ بِقَوْلِهِ:

يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا.

فَجُمْلَةُ يَخُوضُوا وَجُمْلَةُ وَيَلْعَبُوا حَالَانِ مِنَ الضَّمِيرِ الظَّاهِرِ فِي قَوْلِهِ:

فَذَرْهُمْ. وَتِلْكَ الْحَالُ قَيْدٌ لِلْأَمْرِ فِي قَوْلِهِ: فَذَرْهُمْ. وَالتَّقْدِيرُ: فَذَرْ خَوْضَهُمْ وَلَعِبَهُمْ وَلَا تَحْزَنْ لِعِنَادِهِمْ وَإِصْرَارِهِمْ.

وَتَعْدِيَةُ فِعْلِ (ذَر) إِلَى ضميرهم مِنْ قَبِيلِ تَوَجُّهِ الْفِعْلِ إِلَى الذَّاتِ. وَالْمُرَادُ تُوَجُّهِهِ إِلَى بَعْضِ أَحْوَالِهَا الَّتِي لَهَا اخْتِصَاصٌ بِذَلِكَ الْفِعْلِ، مِثْلَ قَوْلِهِ تَعَالَى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ [الْمَائِدَة: 3] أَيْ حُرِّمَ عَلَيْكُمْ أَكْلُهَا، وَقَوْلِهِ: وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ [النِّسَاء: 23] أَيْ أَنْ تَجْمَعُوهُمَا مَعًا فِي عِصْمَةِ نِكَاحٍ وَالِاعْتِمَادُ فِي هَذَا عَلَى قَرِينَةِ السِّيَاقِ كَمَا فِي الْآيَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ فِي سُورَةِ الطُّورِ [45] ، أَوْ عَلَى ذِكْرِ مَا يَدُلُّ عَلَى حَالَةٍ خَاصَّةٍ مِثْلَ قَوْلِهِ: يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا فِي هَذِهِ الْآيَةَ، فَقَدْ يَكُونُ الْمُقَدَّرُ مُخْتَلِفًا كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015