الْقارِعَةُ مَا الْقارِعَةُ وَما أَدْراكَ مَا الْقارِعَةُ يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ الْآيَة [القارعة: 1- 4] . وَهِيَ مَا سَيَأْتِي بَيَانُهَا فِي قَوْلِهِ: فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ الْآيَات [الحاقة: 13] .
وَجِيءَ فِي الْخَبَرِ عَنْ هَاتَيْنِ الْأُمَّتَيْنِ بِطَرِيقَةِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ لِأَنَّهُمَا اجْتَمَعَتَا فِي مُوجِبِ الْعُقُوبَةِ ثُمَّ فُصِّلَ ذكر عذابهما.
[5]
فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ (5)
ابْتُدِئَ بِذِكْرِ ثَمُودَ لِأَنَّ الْعَذَابَ الَّذِي أَصَابَهُمْ مِنْ قَبِيلِ الْقَرْعِ إِذْ أَصَابَتْهُمُ الصَّوَاعِقُ الْمُسَمَّاةُ فِي بَعْضِ الْآيَاتِ بِالصَّيْحَةِ. وَالطَّاغِيَةُ: الصَّاعِقَةُ فِي قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةَ: نَزَلَتْ عَلَيْهِمْ صَاعِقَةٌ أَوْ صَوَاعِقٌ فَأَهْلَكَتْهُمْ، لِأَن مَنَازِلَ ثَمُودَ كَانَتْ فِي طَرِيقِ أَهْلِ مَكَّةَ إِلَى الشَّامِ فِي رِحْلَتِهِمْ فَهُمْ يَرَوْنَهَا، قَالَ تَعَالَى: فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً بِما ظَلَمُوا [النَّمْل: 52] ، وَلِأَنَّ الْكَلَامَ عَلَى مَهْلِكِ عَادٍ أَنْسَبُ فَأُخِّرَ لِذَلِكَ أَيْضًا.
وَإِنَّمَا سُمِّيَتِ الصَّاعِقَةُ أَوِ الصَّيْحَةُ بِالطَّاغِيَةِ لِأَنَّهَا كَانَتْ مُتَجَاوِزَةً الْحَالَ الْمُتَعَارَفَ فِي الشِّدَّةِ فَشُبِّهَ فِعْلُهَا بِفِعْلِ الطَّاغِي الْمُتَجَاوِزِ الْحَدَّ فِي الْعُدْوَانِ وَالْبَطْشِ.
وَالْبَاءُ فِي قَوْلِ بِالطَّاغِيَةِ لِلْاسْتِعَانَةِ.
وثَمُودُ: أُمَّةٌ مِنَ الْعَرَبِ الْبَائِدَةِ الْعَارِبَةِ، وَهُمْ أَنْسَابُ عَادٍ. وَثَمُودُ: اسْمُ جَدِّ تِلْكَ الْأُمَّةِ وَلَكِنْ غَلَبَ عَلَى الْأُمَّةِ فَلِذَلِكَ مُنِعَ مِنَ الصَّرْفِ لِلْعَلَمِيَّةِ وَالتَّأْنِيثِ بِاعْتِبَارِ الْأُمَّةِ أَوِ الْقَبِيلَةِ.
وَتَقَدَّمَ ذِكْرُ ثَمُودَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً فِي سُورَة الْأَعْرَاف [73] .
[6- 7]
وَأَمَّا عادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ (6) سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى الْقَوْمَ فِيها صَرْعى كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ (7)
الصَّرْصَرُ: الشَّدِيدَةُ يَكُونُ لَهَا صَوْتٌ كَالصَّرِيرِ وَقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيَّامٍ نَحِساتٍ فِي سُورَةِ فُصِّلَتْ [16] . وَالْعَاتِيَةُ: الشَّدِيدَةُ الْعَصْفِ، وَأَصْلُ الْعُتُوِّ وَالْعُتِيِّ: شِدَّةُ التَّكَبُّرِ فَاسْتُعِيرَ لِلشَّيْءِ الْمُتَجَاوِزِ الْحَدَّ الْمُعْتَادَ تَشْبِيهًا بِالتَّكَبُّرِ الشَّدِيدِ فِي عَدَمِ الطَّاعَةِ وَالْجَرْيِ عَلَى الْمُعْتَادِ.