وَالْأَثِيمُ: كَثِيرُ الْإِثْمِ، وَهُوَ فَعِيلٌ مِنْ أَمْثِلَةِ الْمُبَالَغَةِ قَالَ تَعَالَى: إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعامُ الْأَثِيمِ [الدُّخان: 43- 44] . وَالْمُرَادُ بِالْإِثْمِ هُنَا مَا يُعَدُّ خَطِيئَةً وَفَسَادًا عِنْدَ أَهْلِ الْعُقُولِ وَالْمُرُوءَةِ وَفِي الْأَدْيَانِ الْمَعْرُوفَةِ.
قَالَ أَبُو حَيَّانِ: وَجَاءَتْ هَذِهِ الصِّفَاتُ صِفَاتِ مُبَالَغَةً وَنُوسِبَ فِيهَا فجَاء حَلَّافٍ
[الْقَلَم: 10] وَبعده مَهِينٍ [الْقَلَم: 10] لِأَنَّ النُّونَ فِيهَا تَوَاخٍ مَعَ الْمِيمِ، أَيْ مِيمُ أَثِيمٍ، ثُمَّ جَاءَ هَمَّازٍ مَشَّاءٍ [الْقَلَم: 11] بِصِفَتَيِ الْمُبَالَغَةِ، ثُمَّ جَاءَ مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ صِفَاتِ مُبَالَغَةً اهـ. يُرِيدُ أَنَّ الْافْتِعَالَ فِي مُعْتَدٍ للْمُبَالَغَة.
[13]
عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ (13)
ثَامِنَةٌ وَتَاسِعَةٌ.
وَالْعُتُلُّ: بِضَمَّتَيْنِ وَتَشْدِيدِ الْلَّامِ اسْمٌ وَلَيْسَ بِوَصْفٍ لَكِنَّهُ يَتَضَمَّنُ مَعْنَى صِفَةٍ لِأَنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنَ الْعَتْلِ بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ، وَهُوَ الدَّفْعُ بِقُوَّةٍ قَالَ تَعَالَى: خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلى سَواءِ الْجَحِيمِ [الدُّخان: 47] وَلَمْ يُسْمَعْ (عَاتِلٌ) . وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْأَسْمَاءِ دُونَ الْأَوْصَافِ مُرَكَّبٌ مِنْ وَصْفَيْنِ فِي أَحْوَالٍ مُخْتَلِفَةٍ أَوْ مِنْ مُرَكَّبِ أَوْصَافٍ فِي حَالَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ.
وَفُسِّرَ الْعُتُلُّ بِالشَّدِيدِ الْخِلْقَةُ الرَّحِيبُ الْجَوْفِ، وَبِالْأَكُولِ الشَّرُوبِ، وَبِالْغَشُومِ الظَّلُومِ، وَبِالْكَثِيرِ اللَّحْمِ الْمُخْتَالِ، رَوَى الْمَاوْرُدِيُّ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ هَذَا التَّفْسِيرَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَعَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ وَعَن عبد الرحمان بْنِ غَنْمٍ، يَزِيدُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ عَنِ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَنَدٍ غَيْرِ قَوِيٍّ، وَهُوَ عَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ إِتْبَاعٌ لِصِفَةِ مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ [الْقَلَم: 12] أَيْ يَمْنَعُ السَّائِلَ وَيَدْفَعُهُ وَيُغْلِظُ لَهُ عَلَى نَحْوِ قَوْلِهِ تَعَالَى: فَذلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ [الماعون: 2] .
وَمَعْنَى بَعْدَ ذلِكَ عِلَاوَةً عَلَى مَا عُدِّدَ لَهُ مِنَ الْأَوْصَاف هُوَ سيّىء الْخلقَة سيّىء الْمُعَامَلَةِ، فَالْبَعْدِيَّةُ هُنَا بَعْدِيَّةٌ فِي الْارْتِقَاءِ فِي دَرَجَاتِ التَّوْصِيفِ الْمَذْكُورِ، فَمُفَادُهَا مُفَادُ التَّرَاخِي الرُّتَبِيِّ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها [النازعات: 30] عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ فِيهِ.
وَعَلَى تَفْسِيرِ الْعُتُلِّ بِالشَّدِيدِ الْخِلْقَةِ وَالرَّحِيبِ الْجَوْفِ يَكُونُ وَجْهُ ذِكْرِهِ أَنَّ قَبَاحَةَ