وَذُكِرَتْ عَشْرُ خِلَالٍ مِنْ مَذَامِّهِمُ الَّتِي تَخَلَّقُوا بِهَا:

الْأُولَى: حَلَّافٍ، وَالْحَلَّافُ: الْمُكْثِرُ مِنَ الْأَيْمَانِ عَلَى وُعُودِهِ وَأَخْبَارِهِ، وَأَحْسَبُ أَنَّهُ أُرِيدَ بِهِ الْكِنَايَةُ عَنْ عَدَمِ الْمُبَالَاةِ بِالْكَذِبِ وَبِالْأَيْمَانِ الْفَاجِرَةِ فَجُعِلَتْ صِيغَةُ الْمُبَالَغَةِ كِنَايَةً

عَنْ تَعَمُّدِ الْحِنْثِ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ ذَمُّهُ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ، وَمِنَ الْمُفَسِّرِينَ مَنْ جَعَلَ مَهِينٍ قَيْدًا لِ حَلَّافٍ عَلَى جَعْلِ النَّهْيِ عَنْ طَاعَة صَاحب الوصفين مُجْتَمَعَيْنِ.

مَهِينٍ.

هَذِهِ خَصْلَةٌ ثَانِيَةٌ وَلَيْسَتْ قَيْدًا لِصِفَةِ حَلَّافٍ.

وَالْمَهِينُ: بِفَتْحِ الْمِيمِ فَعِيلٌ مِنْ مَهُنَ بِمَعْنَى حَقُرَ وَذَلَّ، فَهُوَ صِفَةٌ مُشَبَّهَةٌ، وَفِعْلُهُ مَهُنَ بِضَمِّ الْهَاءِ، وَمِيمُهُ أَصْلِيَّةٌ وَيَاؤُهُ زَائِدَةٌ، وَهُوَ فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ، أَيْ لَا تُطِعِ الْفَاجِرَ الْحَقِيرَ.

وَقَدْ يَكُونُ مَهِينٍ هُنَا بِمَعْنَى ضَعِيفِ الرَّأْيِ وَالتَّمْيِيزِ، وَكُلُّ ذَلِكَ مِنَ الْمَهَانَةِ.

ومَهِينٍ: نَعَتٌ لِ حَلَّافٍ، وَكَذَلِكَ بَقِيَّةُ الصِّفَاتِ إِلَى زَنِيمٍ [الْقَلَم: 13] فَهُوَ نَعْتٌ مُسْتَقِلٌّ، وَبَعْضُهُمْ جَعَلَهُ قَيْدًا لِ حَلَّافٍ وَفَسَّرَ الْمَهِينَ بِالْكَذَّابِ أَيْ فِي حلفه.

[11]

[سُورَة الْقَلَم (68) : آيَة 11]

هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (11)

هَمَّازٍ.

الهمّاز كثير الْهمزَة. وَأَصْلُ الْهَمْزِ: الطَّعْنُ بِعُودٍ أَوْ يَدٍ، وَأُطْلِقَ عَلَى الْأَذَى بِالْقَوْلِ فِي الْغَيْبَةِ عَلَى وَجْهِ الْاسْتِعَارَةِ وَشَاعَ ذَلِكَ حَتَّى صَارَ كَالْحَقِيقَةِ وَفِي التَّنْزِيلِ وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ [الْهمزَة: 1] .

وَصِيغَةُ الْمُبَالَغَةِ رَاجِعَةٌ إِلَى قُوَّةِ الصِّفَةِ، فَإِذَا كَانَ أَذًى شَدِيدًا فَصَاحِبُهُ هَمَّازٍ وَإِذَا تَكَرَّرَ الْأَذَى فَصَاحَبُهُ هَمَّازٍ.

مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ.

الْمَشَّاءُ بِالنَّمِيمِ: الَّذِي يَنِمُّ بَيْنَ النَّاسِ، وَوَصْفُهُ بِالْمَشَّاءِ لِلْمُبَالَغَةِ. وَالْقَوْلُ فِي هَذِهِ الْمُبَالَغَةِ مِثْلُ الْقَوْلِ فِي هَمَّازٍ وَهَذِهِ رَابِعَةُ الْمَذَامِّ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015