وَذَكَرَ الْفَخْرُ: أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ يُسَمِّيهَا «الْمُجَادَلَةَ» لِأَنَّهَا تُجَادِلُ عَنْ قَارِئِهَا عِنْدَ سُؤَالِ الْمَلَكَيْنِ وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِ الْفَخْرِ.
فَهَذِهِ ثَمَانِيَةُ أَسْمَاءٍ سُمِّيَتْ بِهَا هَذِهِ السُّورَةُ.
وَهِيَ مَكِّيَّةٌ قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ وَالْقُرْطُبِيُّ: بِاتِفَّاقِ الْجَمِيعِ.
وَفِي «الْإِتْقَانِ» أَخْرَجَ جُوَيْبِرٌ (?) فِي «تَفْسِيرِهِ» «عَنِ الضَّحَّاكِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: نَزَلَتْ
تَبَارَكَ الْمُلْكُ فِي أَهْلِ مَكَّةَ إِلَّا ثَلَاثَ آيَاتٍ اهـ. فَيُحْتَمَلُ أَنَّ الضَّحَّاكَ عَنَى اسْتِثْنَاءَ ثَلَاثِ آيَاتٍ نَزَلَتْ فِي الْمَدِينَةِ. وَهَذَا الِاحْتِمَالُ هُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ إِخْرَاجُ صَاحِبِ «الْإِتْقَانِ» هَذَا النَّقْلَ فِي عِدَادِ السُّوَرِ الْمُخْتَلَفِ فِي بَعْضِ آيَاتِهَا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّ ثَلَاثَ آيَاتٍ مِنْهَا غَيْرُ مُخَاطَبٍ بِهَا أَهْلُ مَكَّةَ، وَعَلَى كِلَا الِاحْتِمَالَيْنِ فَهُوَ لَمْ يُعَيِّنْ هَذِهِ الْآيَاتِ الثَّلَاثَ وَلَيْسَ فِي آيَاتِ السُّورَةِ ثَلَاثُ آيَاتٍ لَا تَتَعَلَّقُ بِالْمُشْرِكِينَ خَاصَّةً بَلْ نَجِدُ الْخَمْسَ الْآيَاتِ الْأَوَائِلَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْقَصْدُ مِنْهَا الْفَرِيقَيْنِ مِنْ أَوَّلِ السُّورَةِ إِلَى قَوْلِهِ: عَذابَ السَّعِيرِ [الْملك: 5] .
وَقَالَ فِي «الْإِتْقَانِ» أَيْضًا «فِيهَا قَوْلٌ غَرِيبٌ (لَمْ يَعْزُهُ) أَنَّ جَمِيعَ السُّورَةِ مَدَنِيٌّ» . وَهِيَ السَّادِسَةُ وَالسَّبْعُونَ فِي عِدَادِ نُزُولِ السُّوَرِ نَزَلَتْ بَعْدَ سُورَةِ الْمُؤْمِنِينَ وَقَبْلَ سُورَةِ الْحَاقَّةِ.
وَآيُهَا فِي عَدِّ أَهْلِ الْحِجَازِ إِحْدَى وَثَلَاثُونَ وَفِي عَدِّ غَيْرِهِمْ ثَلَاثُونَ.
وَالْأَغْرَاضُ الَّتِي فِي هَذِهِ السُّورَةِ جَارِيَةٌ عَلَى سُنَنِ الْأَغْرَاضِ فِي السُّور المكية.
ابتدئت بِتَعْرِيفِ الْمُؤْمِنِينَ مَعَانِيَ مِنَ الْعِلْمِ بِعَظَمَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَتَفَرُّدَهُ بِالْمُلْكِ الْحَقِّ وَالنَّظَرَ فِي إِتْقَانِ صُنْعِهِ الدَّالِّ عَلَى تَفَرُّدِهِ بِالْإِلَهِيَّةِ فَبِذَلِكَ يَكُونُ فِي تِلْكَ الْآيَاتِ حَظٌّ لِعِظَةِ الْمُشْرِكِيَن.