(وفي " المبدع " لو تيمم بتراب غيره جاز في ظاهر كلامهم، للإذن فيه عادة وعرفا)).
الترجيح:
كما سبق في الكلام على هذه المسائل في الماء فالراجح هنا أنه لا يشترط فيما يتيمم به كونها طهورا، وإستعماله في رفع الحدث لا يخرجه عن كونه طهورا، ولا يشترط كونه مباحا بل بصح التيمم بغير المباح ويأثم.
المقصود أنه لا يصح التيمم بكل ما أحترق بالنار لتصنيعه ونحو ذلك كالخزف، والنورة، والآجر، والأسمنت، وكل ما عمل من طين وشوي بالنار حتى صار فخارا، وعللوا المنع بأن الطبخ أخرجه عن أن يقع عليه اسم التراب.
• والراجح أن ذلك ليس بشرط وسبق بيان أن الراجح أن التيمم لا يختص بالتراب.
ومما استدلوا به على ذلك تفسيرهم من في قوله تعالى: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [المائدة: 6] بالتبعيضية، والراجح أنها لابتداء الغاية.
قال الشنقيطي في "أضواء البيان" (1/ 353): (قوله تعالى: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} الآية، اعلم أن لفظة من في هذه الآية الكريمة محتملة، لأن تكون للتبعيض، فيتعين في التيمم التراب الذي له غبار يعلق باليد ; ويحتمل أن تكون لابتداء الغاية، أي مبدأ ذلك المسح كائن من الصعيد الطيب، فلا يتعين ماله غبار، وبالأول قال الشافعي، وأحمد، وبالثاني قال مالك، وأبو حنيفة رحمهم الله تعالى جميعا.
فإذا علمت ذلك، فاعلم أن في هذه الآية الكريمة إشارة إلى هذا القول الأخير، وذلك في قوله تعالى: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ}، فقوله: {مِنْ حَرَجٍ