ـ[وأقسام الماء ثلاثة:
أحدها: طهور وهو الباقي على خلقته يرفع الحدث ويزيل الخبث .. ]ـ
طهور وطاهر ونجس، فالطهور طاهر في نفسه مطهر لغيره، والطاهر هو الماء المتغير بطاهر يشرط ألا يخرجه عن كونه ماء ففرق بين أن نقول هذا ماء وقع فيه حبر وبين أن يغلب الحبر على أجزاء الماء حتى نقول هذا حبر فيه ماء، أو أن نقول: ماء في تراب، وطين. فالكلام في النوع الأول لا الثاني لأنه خرج عن إطلاقه ولم يشمله اسم الماء، والقسم الثالث هو الماء النجس، وسيأتي تفصيل الكلام على هذه الأنواع بإذن الله تعالى.
وفي المذهب رواية أخرى بأن قسمة الماء ثنائية طهور ونجس، وقد انتصر لهذه الرواية تقي الدين في "مجموع الفتاوى" (21/ 24) واختار أن الماء الذي تغير بالطاهرات كالأشنان والصابون والسدر والعجين وغير ذلك مما يغير الماء فإنه طهور ما لم يخرج عن إطلاقه وقد توسع في الاستدلال لذلك ومن الأدلة التي ذكرها:
1 - أن الذين ذهبوا إلى أن القسمة ثلاثية فرقوا بين المتماثلات فحكموا مثلا بطهورية الماء المتغير بما يشق صون الماء عنه كالطحلب وورق شجر ما لم يوضعا، فإن وضع قصدا فإنه يكون طاهرا وكذلك التفريق بين لملح المعدني والمائي في تغيير الماء وسيأتي الكرم تفصيليا على هذه الأنواع.
2 - قوله تعالى: (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ) وقوله: (فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً) نكرة في سياق النفي فيعم كل ما هو ماء لا فرق في ذلك بين نوع ونوع فإن قيل إن المتغير لا يدخل في اسم الماء قيل تناول الاسم لمسماه لا فرق فيه بين التغير الأصلي والطارئ ولا بين التغير الذي يمكن الاحتراز منه والذي لا يمكن الاحتراز منه.
3 - ما ثبت «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اغتسل هو وميمونة من إناء واحد في قَصْعَةٍ فيها أثر العجين» إلى غير ذلك من الأدلة.