والعدم، أو النور والضياء، أو الحياة والبهجة، أو المكارم والمعالي، أو غير ذلك، وحين يبحث عن السر في تردد مثل هذه الألفاظ، يجد الباحث أن ذلك يرتبط بالتكوين النفسي للأديب، الذي قد يكون مرده إلى النشأة والبيئة والاتجاه الفكري.
هذه الجوانب الفنية السابقة في دراسة الألفاظ، لا ينبغي أن ننظر إلى اللفظ -من خلالها- نظرة استقلالية، بمعنى أن يدرس اللفظ مفردًا، بل ننظر إليه من خلال مجاورة اللفظ لأخيه وترابطه به، حتى تعطي الألفاظ المعنى الذي يقصد الأديب إبرازه، ومن هنا لا نجد قيمة فنية للفظ ما لم يكن منتظمًا في سلك مع ألفاظ مكونة ما يسمى بـ "العبارة".
2- العبارة:
"يقصد بالعبارة مجموعة ألفاظ منسقة على نحو معين، لأداء معنى شعوري، وتستمد العبارة دلالتها -في العمل الأدبي- من مفردات الدلالات اللغوية للألفاظ، ومن الدلالة المعنوية الناشئة عن اجتماع الألفاظ وترتيبها في نسق معين، ثم من الإيقاع الموسيقي الناشئ عن مجموعة إيقاعات الألفاظ متناغمًا بعضها مع بعض، ثم من الصور والظلال التي تشعها الألفاظ متناسقة في العبارة1.
ومن هنا كانت العبارة، هي التعبير الحقيقي عن التجربة الشعورية، لا الألفاظ المفردة، وليست الألفاظ المفردة إلا لبنات في بناء واحد متكامل هو العمل الأدبي، والألفاظ -بذلك- لا تتفاضل من حيث هي ألفاظ مجردة، وإنما تثبت لها الفضيلة في ملاءمة معنى اللفظة لمعنى التي تليها2.