فيه ابن معين فمرة قال: ضعيف، ومرة قال: ليس به بأس، ومرة قال: ثقة كما في "الضعفاء" للعقيلي: (4/221) و"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم: (8/286) وقال فيه الإمام أحمد مرة: ثقة، وقال أخرى: صالح الحديث كما في "العلل": (2/311، 485) وحديثه لا ينزل عن رتبة الحسن.
وتنوُّع قول ابن معين في الراوي الواحد إن لم يمكن الجمع بينها كاختلاف حال الراوي من حال إلى حال أو اختلاف ما يقع عليه اللفظ ونحوه كتغير درجة ضبط الراوي في بلد دون آخر، أو في شيخ دون آخر، أو في زمن دون آخر، فيحمل التعديل على حال الضبط، والجرح على حال الضعف، وربما يُطْلق الضعف بسبب رواية الراوي لحديثٍ وهم فيه واشتهر عنه، مع استقامة بقية حديثه.
ومن هذا حال الراوي عبد الرحمن بن نمر فقد أخرج له الشيخان عن الزهري متابعة، ووثقه الذهلي وابن حبان وابن البرقي، وقال دحيم: صحيح الحديث عن الزهري. وقال أبو زرعة الدمشقي: حديثه عن الزهري مستوي وقال أبو أحمد الحاكم: مستقيم الحديث. وقال أبو داود: ليس به بأس.
قال ابن معين كما في "رواية الدوري" عنه في عبد الرحمن بن نمر:
(ابن نمر الذي يروي عن الزهري ضعيف) انتهى.
قال الحافظ ابن عدي في "كاملة": (4/292) مبينا وجه إطلاق ابن معين الضعف على ابن نمر عند تعليقه على حديثه عن الزهري عن عروة عن مروان بن الحكم عن بسرة بنت صفوان أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالوضوء من مس الذكر والمرأة مثل ذلك.
قال ابن عدي:
(هذا الحديث بهذه الزيادة التي ذكرت في متنه "والمرأة مثل ذلك" لا يرويه عن الزهري غير ابن نمر هذا ... وعبد الرحمن هذا له عن الزهري غير نسخة وهي أحاديث مستقيمة، وقول ابن معين: وهو ضعيف في الزهري. ليس أنه أنكر عليه في أسانيد ما يرويه عن الزهري أو في متونه إلا ما ذكرت من قوله "والمرأة مثل ذلك" وهو في جملة من يكتب حديثه من الضعفاء) انتهى.
وهذا أولى ما يحمل عليه تنوع قول ابن معين في الراوي الواحد، وإلا فالصحيح من قوله ما وافق فيه الأئمة الحفاظ، ورواية الدوري عنه أقوى الروايات في الغالب.
وقد روى حديث ابن عباس رضي الله عنهما السابق عن معقل محمد بن يزيد بن سنان الجزري، قال عنه أبو حاتم: (ليس بالمتقن) ، كما في "الجرح والتعديل": (8/127) وضعفه الدارقطني وغيره.