الأمصار، وكتبَ عن الحفاظ كمكي بن إبراهيم البَلْخِي، وعبد الله بن عثمان المروزي، وعبيد الله بن موسى العبسي، وأبي نعيم الفضل بن دكين، وعليُّ بن المديني، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين وغيرهم رحمهم الله تعالى، وأخذ عنه الحديث خلق كثير.
قال الفربري: سَمِعَ كتابَ "البخاري" تسعون ألف رجل، ولم يبق منهم أحد يرويه عنه غيري، وطلب العلم وله عشر سنين ورد على المشايخ، وله إحدى عشرة سنة.
قال البخاري - رحمه الله -: خرجت كتابي الصحيح [8/ 1 ب] من زهاء ستمائة ألف حديث، وما وضعت فيه حديثاً إلا وصليت ركعتين، ولما قدم بغداد جاءه أصحاب الحديث وأرادوا امتحانه فعمدوا إلى مائة حديث فقلبوا متونها وأسانيدها ودفعوها إلى عشرة رجال وأمروهم أن يلقوها إليه، فانتدب رجل منهم فسأله عن حديث منها. فقال: لا أعرفه، فسأله عن آخر فقال: لا أعرفه حتى فرغ من العشرة والبخاري يقول: لا أعرفه، ثم انتدب آخر من العشرة فكان حاله معهم كذلك إلى تمام العشرة، والبخاري لا يزيدهم على قوله: لا أعرفه، فأما العلماء فعرفوا بإنكاره أنه عارف، وأما غيرهم فلم يدركوا ذلك، فلما فرغوا التفت البخاري إلى الأول منهم فقال: أما حديثك الأول فهو كذا، وأما حديثك الثاني فكذا على النسق إلى آخر العشرة، فردّ كل متن إلى إسناده، وكل إسناد إلى متنه، ثم فعل بالباقين مثل ذلك فأقر الناس له بالحِفْظِ، وأذعنوا له بالفضل.
مسلم (?): هو أبو الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري، ولد سنة أربع ومائتين، وتوفي لست بقين من رجب سنة إحدى وستين ومائتين، وله سبع وخمسون سنة، رحل في طلب العلم إلى الأقطار، وأخذ الحديث عن يحيى بن يحيى، وقُتَيْبَة بن سعيد،