ونسبة الإعذار إلى الله مجازية، والمعنى: أن الله لم يترك للعبد سبباً في الاعتذار يتمسك به، والحاصل أنه لا يعاقب إلا بعد حجة الله.

قوله: "أخر أجله": أي: أطاله حتى بلغ ستين سنة. قال ابن بطال (?): إنما كانت الستون حد الإنهاء لهذا، لأنها قريبة من المعترك، وهي سن الإنابة والخشوع وترقب المنية، فهذا إعذار بعد إعذار لطفاً من الله بعباده حتى نَقَلهُم من حالة الجهل إلى حالة العلم، ثم أعذر إليهم فلم يعاقبهم إلا بعد الحجج الواضحة، وإن كانوا فطروا على حُبَّ الدنيا، وطول الأمل لكنهم أمروا بمعاهدة النفس في ذلك ليتمثلوا ما أمروا به من الطاعة، وينزجروا عما نهوا عنه من المعصية.

وفي الحديث إشارة إلى أن انقضاء الستين مظنة لانقضاء الأجل.

قوله: "والترمذي وعنده أعمار أمتي":

أقول: لفظه في "الجامع" (?): وفي رواية الترمذي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "عمر أمتي ما بين ستين سنة إلى سبعين" زاد في رواية: "وأقلُّهم من يجوز ذلك" انتهى.

قلت: قال الترمذي: حسن.

قال بعض الحكماء: الأسنان أربعة: سن الطفولة، ثم الشباب، ثم الكهولة، ثم الشيخوخة، وهي آخر الأسنان، وغالب ما تكون ما بين الستين والسبعين فحينئذ يظهر ضعف القوة بالنقص [132/ ب] والانحطاط، فينبغي له الإقبال على [الآخرة] (?) بالكلية لاستحالة أن يرجع إلى الحالة الأولى من النشاط والقوة.

وقد استنبط منه بعض الشافعية أنه من استكمل الستين، ولم يحج أنه يكون مقصراً آثماً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015