قوله: "بمنكبي": بفتح الميم وكسر الكاف، فجمع العضد والكتف، وضبط بالإفراد والتثنية.

قوله: "أو عابر سبيل": قال الطيبي (?): ليست "أو" للشك بل للتخيير والإباحة، والأحسن أن تكون بمعنى: "بل" تشبيه للناسك السالك بالغريب الذي ليس له سكن يأويه، ولا مسكن يسكنه، ثم ترقى، وأضرب عنه إلى عابر سبيل [129/ ب] لأن الغريب قد سكن في بلد الغربة بخلاف عابر السبيل القاصد لبلد شاسع وبينهما أودية ومفاوز مهلكة وقطاع الطريق، فإن من شأنه لا يقيم لخطة ولا يسكن لمحة، ومن ثمة عقبه بقوله: "إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح ... " إلى آخره، وبقوله: "عدَّ نفسك من أهل القبور" فإن المراد استمر سايراً، ولا تفتر فإنك إن قصرت انقطعت وهلكت في تلك الأودية.

قالوا: وفيه إشارة إلى إيثار الزهد في الدنيا، وأخذ البلغة منها والكفاف، فكما لا يحتاج المسافر إلى أكثر مما يبلغه إلى غاية سفره، فكذلك لا يحتاج المؤمن في الدنيا إلى أكثر مما يبلغه المحل. وقالوا: هذا أصل في الحث على الفرار من الدنيا والزهد فيها والاحتقار لها، والقناعة بالبلغة فيها.

وقال النووي (?): معنى الحديث لا تركن إلى الدنيا ولا تتخذها وطناً، ولا تحدث نفسك بالبقاء فيها، ولا تتعلق منها إلا بما يتعلق الغريب في غير وطنه.

وقال غيره: عابر السبيل: هو المار على الطريق طالباً وطنه فالمرء في الدنيا كعبد أرسله سيده في حاجة إلى غير بلده, فشأنه أن يبادر ويفعل ما أرسل له، وقد استشكل عطف عابر سبيل على غريب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015