إن الخطبة لا تنحصر مقاصدها في شيء معين بعد الإتيان بما هو المطلوب منها من الحمد والثناء والموعظة وجميع ما ذكر من سبب الكسوف وغيره من مقاصد خطبة الكسوف.
قوله: "فقال: إن الشمس والقمر لا يكسفان لموت أحد" سبب هذا القول ما في رواية: "إن ابناً للنبي - صلى الله عليه وسلم - يقال له: إبراهيم مات، فقال الناس: إنما كسفت لموت إبراهيم" (?). وفيه روايات.
قوله: "ولا لحياته" قال الحافظ ابن حجر (?): استشكلت هذه الزيادة؛ لأن السياق إنما ورد في ظن أن ذلك لموت إبراهيم ولم يذكروا الحياة.
قال (?): والجواب أن فائدة ذكر الحياة وقع توهم من يقول لا يلزم من نفي كونه سبباً للفقد أن لا يكون سبباً للإيجاد، فعمّم الشارع النفي لدفع هذا التوهم. انتهى.
قلت: كنت كتبت على هامش "الفتح" على هذا الكلام ما لفظه: فيه بحثان؛ الأول: أن القائلين كسفت الشمس لموت إبراهيم جعلوا الكسوف سبباً عن موته لا سبباً له كما قاله، ولفظ الحديث [304 ب] صريح في ذلك، أعني قولهم: كسفت لموت فلان، أي: سبب عن موته كسوف الشمس.
البحث الثاني: أن القول بأنه يكون الكسوف سبباً للإيجاد، كما قال: أنه لدفعه يريد: ولا لحياته, قول لا تعرفه العرب ولا غيرهم ولا مناسبة لذلك أصلاً، فإنه إنما فصّل لهم تخيل