قلت: وإنما كان الناس لا يجلسون لسماع الخطبة؛ لأنَّ بني أمية كانوا يسبون علياً - عليه السلام - فكان الناس لا يبقون لسماع ذلك، فكيف يقال: إنَّه اجتهاد، بل هو إكراه للناس على البقاء لسماع ما يحرم سماعه.
فإن قلت: لم لَمْ ينكر الصحابة على عمر، وعثمان، كما أنكروا على مروان.
قلت: عدم النقل إلينا لا يدل على عدم وقوع الإنكار، ثم فرق بين الأمرين، فإن عثمان كان له عذر بالعلة، وعمر قدمها ليدرك بعيد الدار عن المصلى الصلاة، ثم إنهما كانا يخطبان بما لا ذنب في سماعه، ولا إثم في إيقاعه، ومروان يخطب بسبَّ أمير المؤمنين، ورأس المجاهدين، وأخي الرسول الأمين (?) الذي لا يحبه إلا مؤمن، ولا يبغضه إلا منافق بالنص الثابت (?) عن ختام رسل الله أجمعين [64 أ/ ج] ومن هنا يظهر لك وجه في أن الإنكار في تقدم الخطبة إنما هو إنكار لما فيها من القبائح، لكنه وجه الإنكار إلى تقديمها؛ لأنَّه لا يمكنه إنكار ما فيها من القبائح صريحاً، فلا يتوجه السؤال بأنهم لم ينكروا على الشيخين؛ لأنَّ غاية ما فعلاه تقديم الخطبة الشرعية التي على الطريقة النبوية, وتقديمها ليس بمنكر؛ لأنَّ الذي وقع منه تأخيرها فعلاً، ولم يأتِ أمر منه بوجوب التأخير غايته أنه أولى للتأسي، وفهم الشيخان جواز تقديمها،