والتبتل الذي أراده عثمان بن مظعون تحريم النساء والطيب، وكل ما يلتذ به، فلهذا أنزل في حقه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ} (?).

فإن قلت: كيف يرده - صلى الله عليه وسلم - وقد قال الله تعالى: {وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا (8)} (?)؟ قلت: هذا التبتل المأمور فسره مجاهد، فقال: "أخلص له إخلاصاً" وهو تفسير بالمعنى، وإلا فالتبتل الانقطاع، والمراد انقطع إليه انقطاعاً، ولكن لما كان حقيقة الانقطاع، لا تتم إلا بالإخلاص فسره به.

قوله: "فإن لأهلك عليك حقاً": علل - صلى الله عليه وسلم - أمره لعثمان بما ذكر بأن هذا الاجتهاد في العبادة تضيع به حقوقاً لأهله ولضيفه، ولنفسه، وتضييعها حرام، ولذا قال له: "اتق الله" فالمراد أمره بتقواه في عدم تضييع الحقوق بفعل ما نواه.

قوله: "زاد رزين، وكان حلف.

أقول: أخرجها عبد الرزاق (?) والطبراني (?) عن عائشة قالت: دخلت امرأة عثمان بن مظعون واسمها: خولة بنت حكيم عليَّ وهي باذَّة الهيئة, فسألتها ما شأنك؟ فقالت: زوجي يصوم النهار، ويقوم الليل، فدخل النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكرت ذلك له فلقي النبي - صلى الله عليه وسلم - عثمان، فقال: "يا عثمان إن الرهبانية لم تكتب علينا أما لك فيَّ أسوة؟ "فوالله! إني لأخشاكم لله وأحفظكم بحدوده"، والروايات واسعة في هذا المعنى عن عثمان تضمنها الدر المنثور.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015