قوله: "من فيح جهنم" ويقال: فوح، والفاء فيهما مفتوحة, وبالحاء المهملة, وهو سطوع حرها وانتشاره يقال: فاحت القدر تفوح إذا غلت. واختلف هل هنا حقيقة أو مجاز، فالجمهور على أنه حقيقة.
فقالوا: وهج الحرّ من فيح جهنم، ويؤيده حديث أبي هريرة: "اشتكت النار إلى ربها - عز وجل -، فأذن لها بنفسين" يأتي.
وقيل: إنه كلام خرج مخرج التشبيه. أي: كأنه نار جهنم في الحر فاجتنبوا ضرره.
قال القاضي (?): حمله على الحقيقة أولى.
وقال ابن عبد البر (?): إنه لقصده عموم الخطاب، وظاهر الكتاب، وهو أولى بالصواب.
35 - وفي رواية لمالك (?): "إِنَّ النَّارَ اشْتَكَتْ إِلَى رَبِّهَا، فَأَذِنَ لهَا فِي كُلِّ عَامٍ بِنفَسَيْنِ: نَفَسٍ فِي الشِّتَاءِ، وَنَفَسٍ فِي الصَّيْفِ". [صحيح لغيره]
قوله: "وفي رواية لمالك: أن النار اشتكت" إلى آخره. أقول: هذه الرواية في الصحيح (?) من حديث سعيد بن المسيب.
قوله: "اشتكت إلى ربها" أقول: اختلف في هذه الشكوى: هل هي بلسان المقال أو الحال؟
ذهب إلى كلِّ طائفة. قال ابن عبد البر (?): لكلا القولين وجه، ونظائر والأول أرجح.