آحادي وهو ظني، فلا يقاوم قطعية حرمة مال المسلم. ولقد استرسل الملوك في هذه الأعصار في أخذ المال عقوبة استرسالاً ينكره الشرع والعقل، وصارت تناط الولايات بجهال لا يعرفون شيئاً من الشرعيات.
وفي قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يحل لآل محمد منها شيء" دليل على أن هذا الشطر المأخوذ حكمه حكم الزكاة في أنه لا يحل لغير مصارفها، ولذا حرمه على آل محمد كتحريم الزكاة عليهم، وإنا لله وإنا إليه راجعون من مصائب عمت الرعايا بولاية الجهال، ثم لا يخفى أن رواية شطر مغير الصيغة كما قاله الحربي (?) فيه عقوبة بالمال؛ لأنه يأخذ المصدق من أي الشطرين شيئاً، وإن كان فيه كرائم الأموال وما نهي عن أخذه, فهذه الزيادة على [150 ب] الواجب كما لا يخفى [334/ أ].
4 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: لمَّا تُوُفِّيَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنَ العَرَبِ، قَالَ عُمَرُ لأَبِي بَكْرٍ - رضي الله عنهما -: كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ وَقَدْ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أُمِرْتُ أَنْ أقاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله، فَمَنْ قَالهَا فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ إِلاَّ بِحَقِّهِ، وَحِسَابُهُ عَلَى الله تعَالى". فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ - رضي الله عنه -: وَالله لأُقاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ المَالِ، وَالله لَوْ مَنَعُونِي عَنَاقاً كَانُوا يُؤَدُّونَهَا إِلَى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهَا. قَالَ عُمَرُ: فَوَالله مَا هُوَ إِلاَّ أَنْ رَأَيْتُ الله شَرَحَ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ لِلْقِتَالِ فَعَرَفْتُ أنَّهُ الحَقُّ. أخرجه الستة (?).
وفي رواية (?): "عِقَالاً كانُوا يُؤَدُّونه". [صحيح]