هو العادل (?) الذي يصدر منه فعل العدل المضاد للجور والظلم، ولن (?) يعرف العادل من لا يعرف عدله، ولا يعرف عدله من لا يعرف فعله، فمن أراد أن يعرف هذا الوصف، فينبغي أن يحيط علماً بأفعال الله من ملكوت السماوات إلى منتهى الثرى، حتى إذا لم يرَ في خلق الرحمن من تفاوت ثم رجع البصر فما رأى من فطور، ثم رجع مرة أخرى فانقلب إليه البصر خاسئاً وهو حسير، وقد بهره كمال العدل الإلهي وحيره اعتدال الأمور وعدلها وانتظامها وانظر (?) عدله في خلق الإنسان، فإنه خلقه أعضاء مختلفة مثل اليد والرجل والعين والأنف والأذن، فهو وضعها مواضعها الخاصة.
عدل لأنه وضع العين في أولى المواضع به من البدن، إذ لو خلقه على الرجل أو على اليد أو على القفا أو على قمة الرأس؛ لم يخف على أحد ما يتطرق إليه من النقصان والتعرض للآفات. [441 ب]
وكذا علق اليدين على المنكبين، ولو علقهما من الرأس أو من الحقو أو من الركبتين؛ لم يخفَ ما يتولد عنه من الخلل، وكذلك وضع جميع الحواس على الرأس؛ فإنها جواسيس لتكون مشرفة على جميع البدن، ولو وضعها على الرجل اختل نظامها قطعاً وشرح ذلك في كل عضو يطول.
وبالجملة: ينبغي العلم أنه لم يخلق شيء في موضعه إلا لأنه متعين [له، و] (?) لو تيامن عنه أو تياسر أو سفل أو تعل؛ لكان ناقصاً أو باطلاً أو قبيحاً خارجاً عن التناسب كريهاً في