قال الحافظ ابن حجر (?): "أنها تأولت واختلفت هي وأبي بكر في أمر محتمل" كلام غير صحيح، فإنها بعد أن روى لها الحديث أبو بكر لم تنازع، ولا وقع منها ما يدل على شيء مما ذكر، ولا طلبت بعد رواية الحديث حتى يقال: تأولت، بل قنعت وقالت: لا أكلمك في ذلك.
وأما ما اشتهر من أنها بعد ذلك طلبت ما ذكر، وأنه أنحلها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجاءت بعلي وأم أيمن يشهدان لها، وقال لها أبو بكر: رجل مع الرجل، أو امرة مع المرأة، فهذه رواية لم نقف عليها في شيء من كتب الحديث [363 ب] والسيرة، والله أعلم بالسريرة والحقيقة.
وقول عائشة "أنها غضبت وهجرت" محمول على فهمها ذلك من القرائن، والفهم منها يخطئ ويصيب، وليس كالرواية بالمعنى، فإنها عن لفظ سمعه الراوي فعبّر عنه بلفظ مرادف له بخلاف هذه القصة، فإنه عبر عنها بما فهمه من القرائن، لا عن لفظ صدر من البتول دال على غضبها، وما كل قرينة صحيحة سيما عن الأمر الوجداني القلبي، فليتأمل من له إنصاف وإخلاص وكيف تغضب بضعة الرسول من الحق؟ - حاشا -.
قوله: "فدفنها علي ليلاً ولم يؤذن بها أبا بكر" ليس في هذا ما يدل على غضبها ولا هجرها؛ لأن الدافن لها علي - عليه السلام -، ودفن الليل ليس منهياً عنه، وعدم إيذان أبي بكر يحتمل أنه لكون الدفن ليلاً، فكره علي - عليه السلام - إيقاظ أبي بكر من نومه، والإيذان ليس بواجب، بل قال