يغنم؛ لأن القواعد تقتضي أنه عند عدم الغنيمة أفضل منه, وأتم أجراً عند وجودها، فالحديث صريح في نفي الحرمان، وليس صريحاً في نفي الجمع قاله في "فتح الباري" (?).
قلت: قد أخرج أبو داود من حديث عبد الله بن عمرو عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "ما من غازية تغزو في سبيل الله فيصيبون غنيمة إلا تعجلوا ثلثي أجرهم من الآخرة, ويبقى لهم الثلث، فإن لم يصيبوا غنيمة تم لهم أجرهم" (?).
قوله: "لوددت" من الودادة, وهي إرادة وقوع الشيء على إرادة وجه مخصوص يراد، قال الراغب (?): الود محبة الشيء تمني حصوله، فمن الأول: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} (?)، ومن الثاني: {وَدَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} (?) الآية، قوله: "فأُقتل"، إن قيل: كيف صدر منه - صلى الله عليه وسلم - هذا التمني مع علمه أنه لا يقتل: أجيب: أن التمني لا يستلزم الوقوع.
9 - وَعَنْهُ - رضي الله عنه - قَالَ: قِيلَ: يَا رَسُوْلُ الله! مَا يَعْدِلُ الجِهَادَ فِي سَبِيلِ الله؟ قَالَ: "لاَ تَسْتَطِيعُونَهُ"، فَأَعَادُوا عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا كُلُّ ذَلِكَ يَقُولُ: "لاَ تَسْتَطِيعُونَهُ"، وَقَالَ فِي الثَّالِثَةِ: "مَثَلُ المُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ الله كَمَثَلِ الصَّائِمِ القَائِمِ القَانِتِ بِآيَاتِ الله لاَ يَفْتُرُ مِنْ صِيَامٍ وَلاَ صَلاَةٍ حَتَّى يَرْجعَ المُجَاهِدُ". أخرجه الستة (?) إلا أبا داود. [صحيح].