وَقد خُولِفَ فِي زَمَانه، واضطربوا فِي جَوَابه، وَإِن كَانَ الْأَصْفَهَانِي فِي " شرح الْمَحْصُول " قد ذكر نَحوه.
فَأجَاب بَعضهم عَن ذَلِك: بِأَن الْمجَاز وَإِن كَانَ الأَصْل عَدمه، إِلَّا أَن الْإِجْمَاع انْعَقَد على أَن المتصفين بِهَذِهِ الصِّفَات بعد وُرُود النُّصُوص يتناولهم وَتثبت تِلْكَ الْأَحْكَام فيهم.
وَلَكِن الْجَواب الصَّحِيح: أَن هُنَا شَيْئَيْنِ: إِطْلَاق اللَّفْظ وَإِرَادَة الْمَعْنى من غير تعرض لزمان، كَقَوْلِنَا: الْخمر حرَام، فَإِنَّهُ صَادِق، سَوَاء كَانَت الخمرية مَوْجُودَة أَو لَا، فإطلاق الْخمر فِي هَذِه الْحَالة حَقِيقَة، لِأَن المُرَاد بِالْحَال حَال التَّلَبُّس لَا التَّلَفُّظ، وَكَذَلِكَ نَحْو: {اقْتُلُوا الْمُشْركين} [التَّوْبَة: 5] ، و {الزَّانِيَة وَالزَّانِي} [النُّور: 2] ، {وَالسَّارِق والسارقة} [الْمَائِدَة: 38] ، لم يقْصد إِلَّا من اتّصف بالشرك وبالزنا، وبالسرقة وَقت تلبسه، وَذَلِكَ حَقِيقَة، وَمثله: إِطْلَاق ذَلِك بعد الِانْقِضَاء، فَإِنَّهُ لم يخرج عَن ذَلِك الَّذِي أطلق حَقِيقَة وَاسْتمرّ، وَإِنَّمَا يَقع التَّجَوُّز، عِنْد إِرَادَة الْمُتَكَلّم إِطْلَاق الْوَصْف بِاعْتِبَار مَا كَانَ عَلَيْهِ، أَو مَا يؤول إِلَيْهِ.