وَلَيْسَ فِي هَذَا التَّعْرِيف إفصاح عَن كل مَا دخل فِيهِ، وَإِنَّمَا ذكر ذَلِك إِجْمَالا، ويتبين الْأَمر فِيهِ بالتفصيل فَيدْخل فِي ذَلِك أُمُور:
أَحدهَا: الْقيَاس الاقتراني، وَهُوَ قِيَاس مؤلف من قضيتين مَتى سلمتا لزم عَنْهُمَا لذاتهما قَول آخر، أَي: قَضِيَّة أُخْرَى نتيجة لَهما، كَقَوْلِنَا: الْعَالم متغير، وكل متغير حَادث، فَيلْزم مِنْهُ أَن الْعَالم حَادث، وكما يُقَال: هَذَا حكم دلّ عَلَيْهِ الْقيَاس، وكل مَا دلّ عَلَيْهِ الْقيَاس فَهُوَ حكم شَرْعِي، فَهَذَا حكم شَرْعِي، وكما يُقَال: مَا ذكرته معَارض بِالْإِجْمَاع، وكل معَارض بِالْإِجْمَاع بَاطِل، فَمَا ذكرته بَاطِل، وَقس على ذَلِك.
الثَّانِي: الْقيَاس الاستثنائي يكون فِي الشرطيات، وَهُوَ مَا يذكر فِيهِ النتيجة أَو نقيضها.
فَفِي المتصلات كَمَا يُقَال: إِن كَانَ هَذَا إنْسَانا فَهُوَ حَيَوَان، لكنه لَيْسَ بحيوان ينْتج أَنه لَيْسَ بِإِنْسَان، أَو أَنه إِنْسَان ينْتج أَنه حَيَوَان، فاستثناء عين الأول ينْتج عين الثَّانِي، واستثناء نقيض الثَّانِي ينْتج نقيض الْمُقدم، وَعين الثَّانِي لَا ينْتج عين الأول لاحْتِمَال كَونه عَاما، وَلَا يلْزم من إِثْبَات الْعَام