أما تَحْرِيم معرفَة الله تَعَالَى فمستحيل عِنْد الْعلمَاء إِلَّا على القَوْل بتكليف الْمحَال، وَذَلِكَ لتوقفه على مَعْرفَته، وَهُوَ دور.

وَقد تقدم من شَرط الْمَنْسُوخ أَن يكون مَا يجوز أَن يكون مَشْرُوعا، وَأَن لَا يكون اعتقادا، فَلَا يدْخل النّسخ التَّوْحِيد بِحَال؛ لِأَن الله تَعَالَى بأسمائه وَصِفَاته لم يزل وَلَا يزَال.

وَكَذَلِكَ مَا علم أَنه متأبد وَنَحْو ذَلِك تقدم.

وَأما مَا قبح وَحسن لذاته كمعرفة الله تَعَالَى، وَتَحْرِيم الْكفْر، وَالظُّلم، وَالْكذب، والقبائح الْعَقْلِيَّة، وشكر الْمُنعم، فَهَل يجوز نسخ وُجُوبه وتحريمه أم لَا؟

فَمن نفى الْحسن والقبح، ورعاية الْحِكْمَة فِي أَفعاله يجوز نسخ ذَلِك وَمن أثبت ذَلِك منع النّسخ، ذكره الْآمِدِيّ وَغَيره؛ لِأَن الْمُقْتَضى لِلْحسنِ والقبح حِينَئِذٍ صِفَات وَأَحْكَام لَا تَتَغَيَّر بِتَغَيُّر الشَّرَائِع فَامْتنعَ النّسخ لِاسْتِحَالَة الْأَمر بالقبيح، وَالنَّهْي عَن الْحسن.

وَأما من نفى ذَلِك - وَهُوَ الصَّحِيح - فَإِنَّهُ يجوز نسخ هَذِه الْأُمُور لقَوْل الله تَعَالَى: {يمحوا الله مَا يَشَاء وَيثبت} [الرَّعْد: 39] ، وَقَوله تَعَالَى: {وَيفْعل الله مَا يَشَاء} [إِبْرَاهِيم: 27] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015