تَنْبِيه: مَحل ذَلِك مَا يُمكن إِرَادَة الْأمة مَعَه، أما مَا لَا يُمكن إِرَادَة الْأمة مَعَه فِيهِ مثل: {يَا أَيهَا المدثر (1) قُم فَأَنْذر} [المدثر: 1، 2] ، {يَا أَيهَا الرَّسُول بلغ مَا أنزل إِلَيْك من رَبك} [الْمَائِدَة: 67] ، وَنَحْوه فَلَا تدخل الْأمة فِيهِ قطعا، وَمِنْه مَا قَامَت فِيهِ قرينَة على اخْتِصَاصه بِهِ من خَارج، نَحْو: {وَلَا تمنن تستكثر} [المدثر: 6] .
فتفصيل إِمَام الْحَرَمَيْنِ بَين أَن ترد الصِّيغَة فِي مَحل التَّخْصِيص فَيكون خَاصّا بِهِ وَإِلَّا فَيكون عَاما لَيْسَ قولا آخر، بل يتَبَيَّن بِمحل الْخلاف، وَأما [مَا] لَا يُمكن فِيهِ إِرَادَة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بذلك الحكم المقترن بخطابه، بل يكون الْخطاب لَهُ وَالْمرَاد الْأمة فَلَيْسَ ذَلِك من مَحل النزاع أَيْضا، وَذَلِكَ مثل قَوْله: {لَئِن أشركت ليحبطن عَمَلك} [الزمر: 65] ، فخطابه بذلك من مجَاز التَّرْكِيب، وَهُوَ مَا أسْند فِيهِ الحكم لغير من هُوَ لَهُ، نَحْو: أنبت الرّبيع البقل، {يَا هامان ابْن لي صرحا} [غَافِر: 36] ؛ وَلأَجل ذَلِك انتقد على ابْن الْحَاجِب تمثيله مَحل النزاع بِآيَة {لَئِن أشركت} .
ورد ذَلِك ابْن عَطِيَّة بِمَا فِيهِ شِفَاء.
وَقَول التَّمِيمِي وَمن مَعَه: (لَا يعمهم إِلَّا بِدَلِيل) تقييدا لهَذَا القَوْل