أمننا من ذلك بقوله لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق الثاني أن سعة الأقطار بالمسلمين وكثرة العدد ولا يمكن أحدا ضبط أقوالهم ومن ادعى هذا لم يخف على أحد كذبه انتهى ومقتضاه أن الظاهرية لا يمنعون الاحتجاج بإجماع من

قَالَ ابْن حزم: ذهب دَاوُد وأصحابنا إِلَى أَن الْإِجْمَاع إِنَّمَا هُوَ إِجْمَاع الصَّحَابَة فَقَط، وَهُوَ قَول لَا يجوز خِلَافه؛ لِأَن الْإِجْمَاع إِنَّمَا يكون عَن تَوْقِيف، وَالصَّحَابَة هم الَّذين شهدُوا التَّوْقِيف.

قَالَ: فَإِن قيل: فَمَا تَقولُونَ فِي إِجْمَاع من بعدهمْ، أَيجوزُ أَن يجمعوا على خطأ؟ قُلْنَا: هَذَا لَا يجوز لأمرين:

أَحدهمَا: أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أمننا من ذَلِك بقوله: " لَا تزَال طَائِفَة من أمتِي ظَاهِرين على الْحق ".

الثَّانِي: أَن سَعَة الأقطار بِالْمُسْلِمين، وَكَثْرَة الْعدَد، وَلَا يُمكن أحدا ضبط أَقْوَالهم، وَمن ادّعى هَذَا لم يخف على أحد كذبه. انْتهى.

وَمُقْتَضَاهُ أَن الظَّاهِرِيَّة لَا يمْنَعُونَ الِاحْتِجَاج بِإِجْمَاع من بعد الصَّحَابَة وَلَكِن يستبعدون الْعلم بِهِ، كَمَا حمل كَلَام الإِمَام أَحْمد فِي أحد محامله على ذَلِك كَمَا تقدم.

وَاحْتج لِلْقَوْلِ الثَّانِي أَيْضا بِظَاهِر الْآثَار السَّابِقَة فَكَانُوا كل الْأمة، وَلَيْسَ من بعدهمْ كلهَا دونهم، وموتهم لم يخرجهم مِنْهَا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015