قَالَ: (وإطلاقه الْمَكْرُوه شَامِل للمكروه تَحْرِيمًا وتنزيها، لِأَن النَّهْي اقْتضى تَركه) .

فَجعل الْبرمَاوِيّ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَاحِدَة - فِيمَا يظْهر -، وَهُوَ ظَاهر كَلَام ابْن الْحَاجِب، وَنحن جعلناهما مَسْأَلَتَيْنِ، تبعا لِابْنِ مُفْلِح فِي " أُصُوله "، وَكَذَلِكَ التَّاج السُّبْكِيّ فِي " جمع الْجَوَامِع ".

لَكِن قَالَ الكوراني - شَارِحه، لما قَالَ فِيهِ: (مُطلق الْأَمر لَا يتَنَاوَل الْمَكْرُوه خلافًا للحنفية) -: (التَّعْبِير عَن هَذِه الْمَسْأَلَة بِمَا عبر بِهِ الشَّيْخ ابْن الْحَاجِب هُوَ اللَّائِق، إِذْ قَالَ: (الْمَكْرُوه مَنْهِيّ عَنهُ، غير مُكَلّف بِهِ) .

وَإِنَّمَا كَانَ لائقا إِذا الْمنْهِي عَنهُ كَيفَ يكون مَأْمُورا بِهِ؟ إِذْ الْمَكْرُوه يمدح تَاركه، فَلَا يتَصَوَّر الْأَمر بِهِ شرعا.

وَعبارَة المُصَنّف قَاصِرَة عَن هَذَا المرام، إِذْ عدم التَّنَاوُل يشْعر بصلاح الْمحل وَلَكِن لم يَقع فِي الْخَارِج، وَلَيْسَ كَذَلِك، بل عدم التَّنَاوُل لعدم قابلية الْمحل بعد تعلق الْكَرَاهَة بِهِ.

وَقَوله: (خلافًا للحنفية) ، صَرِيح فِي أَن الْحَنَفِيَّة قَائِلُونَ بِأَن الْأَمر يتَنَاوَل الْمَكْرُوه، وَهَذَا أَمر لَا يعقل، لِأَن الْمُبَاح عِنْدهم غير مَأْمُور

طور بواسطة نورين ميديا © 2015