أجعل هذه البنية (الكعبة) مني بظهر. فصليت إليها، وقد خالفني أصحابي في ذلك حتى وقع في نفسي من ذلك شيء، فماذا ترى يا رسول الله؟ قال: قد كنت في قبلة لو صبرت عليها. فرجع البراء إلى قبلة رسول الله وصلى معنا إلى الشام ...
وتشير بعض الروايات إلى أن رئاسة الوفد كله مسلمه ومشركه قد انتهت إلى البراء بن معرور. وطالما أنه قد أسلم فهو الذي يقوم بتحديد اللقاءات المقررة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم واختار كعبا ليرافقه بصفته الشاعر المشهور والمعروف عند قريش. وكان العباس هو الذي تحمل عبء حماية الرسول صلى الله عليه وسلم مع المطعم بن عدي بعد وفاة أبي طالب. فكان رفيق رسول الله صلى الله عليه وسلم الدائم ومعرفته قائمة كما رأينا من خلال التجارة، فتم تحديد موعد ومكان اللقاء.
وتشير رواية جابر بن عبد الله إلى بعض اللقاءات الثانوية. (فقال له عمه العباس: يا ابن أخي ما أدري ما هؤلاء القوم الذين جاؤوك، إني ذو معرفة بأهل يثرب. فاجتمعنا عنده من رجل ورجلين، فلما نظر العباس في وجوهنا قال: هؤلاء القوم لا نعرفهم، هؤلاء أحداث). أما إسلام أبي جابر الزعيم الثاني فكان يوم اللقاء المقرر كما يقول كعب: فلما فرغنا من الحج وكانت الليلة التي واعدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لها ومعنا عبد الله بن عمرو بن حرام سيد من ساداتنا، وشريف من أشرافنا أخذناه معنا، وكنا نكتم من معنا من قومنا من المشركين أمرنا، فكلمناه وقلنا له: يا أبا جابر. إنك سيد من ساداتنا، وشريف من أشرافنا، وإنا نرغب بك عما أنت فيه أن تكون حطبا للنار غدا، ثم دعوناه إلى الإسلام. وأخبرناه بميعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم إيانا العقبة. فأسلم وشهد معنا العقبة، وكان نقيبا. فكم كان نشاط المسلمين إذن. وهم يضمون الفرد تلو الفرد، والقائد تلو القائد إلى صفوفهم ليشارك في بيعة الحرب.