هما أغمرا للقوم في أخويهما … فقد أصبحا منهم وألفهما صفرا (?).
صحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس هو الذي يقود الحلف أو يفاوض فيه، ولكن أبا طالب دعا إلى نصرته ومنعته انطلاقا من هذه القرابة وهذا الحلف. وبقي بنو هاشم وبنو المطلب حلفا واحدا وراء الرسول صلى الله عليه وسلم أما بنو عبد شمس وبنو نوفل فقد تخليا عن النصرة، غير أنهما لم يعاديا رسول الله صلى الله عليه وسلم كما فعل أصحاب الحلف الآخر وعلى رأسهم بنو مخزوم وبنو عبد الدار وبنو عدي وبنو سهم.
لقد استطاع الرسول صلى الله عليه وسلم- بتعبيرنا المعاصر أن يجعل بني نوفل وبني عبد شمس على الحياد. ونجح في ذلك أيما نجاح. فقد خاض عتبة بن ربيعة، زعيم بني عبد شمس، في بداية الأمر حربا عنيفة ضد النبي صلى الله عليه وسلم، مثل أبي لهب، دون أن يرعى حرمة القرابة. ولكن عندما تلا عليه النبي صلى الله عليه وسلم صدر سورة فصلت اتخذ موقفا حياديا من الحرب ضده فقال: يا معشر قريش أطيعوني واجعلوها لي. خلوا بين الرجل وبين ما هو فيه فاعتزلوه. فوالله ليكونن لقوله الذي سمعت نبأ. فإن تصبه العرب فقد كفيتموه بغيركم. وإن يظهر على العرب فملكه ملككم، وعزه عزكم، وكنتم أسعد الناس به. قالوا: سحرك يا أبا الوليد بلسانه!! قال: هذا رأي فاصنعوا ما بدا لكم (?).
وكان أبو سفيان الزعيم الثاني لبني عبد شمس يتهرب من المعركة بكثرة الأسفار خارج مكة ابتغاء التجارة. وهذا ما أشار إليه أبو طالب في قصيدة أخرى يعرض فيها بتهربه. المهم أننا أمام أعراف قبلية مرتبطة بحلف وثيق تخلى بعضهم عنه، واستجاب بعضهم الآخر. ولنذكر في هذا المجال أن الحلف كله